جناح حزب عبد الله (بكك) في كوردستان سوريا-1

ماهر حسن

ولد حزب الاتحاد الديمقراطي PYD من رحم حزب عبد الله وفي ظلّه، والتزم بالمنهاج الداخلي للبكك ومشروعه الغامض والمريب، ولم يتحيّد عنه قيد أنملة، وقد أراد عبد الله لأول مرة، تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا عام 1998، لأغراض سياسية، وحاول تسليم إدارة ب ي د وقيادته آنذاك لضابط الاستخبارات السورية (مروان زركي) وتمّ تقييم خطوة عبد الله آنذاك والمتمثّلة في تعيين ضابط عربي لقيادة ب ي د كلعبة سياسية، هدفها الاستفادة من زمرة البعث الحاكمة في سوريا، إلّا أن ذلك لم يحصل.

السبب في عدم انعقاد المؤتمر الأول لـ ب ي د عام 1998، كان الحشد العسكري التركي على الحدود السورية ومغادرة أوجلان لدمشق، وبعد اعتقاله، طرح أوجلان مبادرة لتقريب الكورد، إلّا أنها كانت في الحقيقة للأتراك، ووراء تأسيس أربعة أحزاب كوردية تأتمر بأمره دعا عبد الله لحلّ البكك، ولهذا، خطّط لتموضع البكك في جبل قنديل بإقليم كوردستان العراق، وكانت الخطوة الأولى تتمثّل في تغيير اسمهم لـ (مؤتمر الحرية والديمقراطية الكوردستاني) بعدها تمّ الإعلان عن اسم جديد وهو (اتحاد مجتمعات كوردستان) ليتمّ أخيراً اقتراح تسمية (نظام المجتمع الديمقراطي).

عام 2002، وباقتراح من أوجلان، تمّ الإعلان عن النسخة العراقية لحزب العمال الكوردستاني باسم (حزب الحلّ الديمقراطي الكوردستاني) وفي 2004 تمّ الإعلان عن (حزب الحياة الحرة الكوردستاني) جناح البكك في إيران، وفي سوريا لم تنجو الحركة التحرّرية للكورد من تبعات نشر الأيديولوجية الفاشية بكلّ تبعاتها، فتمّ الإعلان عن تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د عام 2003 وفق ذهنية فاشية وحشية…

انعقاد المؤتمر التأسيسي الأول في قنديل

خلال المؤتمر التأسيسي لـ ب ي د عام 2003، كلّفت البكك قائداً عسكرياً من كورد سوريا (كمال شاهين) لإدارة المؤتمر، بعدها، عيّن الحزب (د. زردشت حاجو) والذي يقيم في ألمانيا رئيساً للحزب، إلّا أن حاجو رفض تسلّم دفة قيادة الجناح السوري لحزب بكك.

خلال فترة قصيرة، انسحب شاهين، وأعلن عن تأسيس حزب (الوفاق الديمقراطي الكوردي السوري) إلّا أن البكك قامت بتصفيته، فاغتالت شاهين في 2005/3/14.

بعد الحادث، اختارت البكك شخصية مدنية تُدعى (بارزان محمد) لرئاسة ب ي د، بعده أصبح صالح مسلم رئيساً للحزب وبعده شاهوز حسن… إلخ

وبعد تلقّي أوجلان تربية صارمة من النظام السوري، بدأت مرحلة الظهور الإعلامي، وإظهاره كبطل ومنقذ للكورد، إلّا أن هذا لم يدم طويلاً في سوريا بسبب مغادرة عبد الله لسوريا، وبعد هروب عبد الله أصبحت غالبية الكورد المخلصين والمناضلين ضحايا وقرابين المفاوضات الجارية آنذاك بين النظام السوري وتركيا، وهذا ما يؤكّد أن عبد الله وحزبه خدعوا رفاقهم من كورد سوريا وفق خطّة مدروسة وممنهجة، ولكي أطمئن قراء المقال… لم يصدر أي تصريح من حزب عبد الله حول ممارسات النظام الوحشية تجاه أتباعه ومؤيّديه.

ظهر جلياً عدم اهتمام حزب عبد الله “بكك” بكوردستان سوريا، ورغم وجود أصحاب القرار من كورد سوريا في أطر البكك أمثال (روستم جودي وشاهين جيلو-المعروف بـ”مظلوم كوباني” وباهوز أردال وخبات ديركي ونور الدين صوفي وغيرهم العديد من الأسماء…) إلّا أن الصمت أصبح سيد الموقف، ولم ينبس أحدهم ببنت شفة!

تدعو البكك إلى الخضوع والانصياع التام لنظام البعث في سوريا، وحول هذا الأمر، تحدّث نائب الرئيس السوري السابق والصندوق الأسود لحافظ الأسد (عبد الحليم خدام) خلال مقابلة مع إحدى القنوات التركية عام 2011، قائلاً: ” لعب شقيق حافظ الأسد جميل الأسد، الذي توفي في كانون الأول/ ديسمبر 2004، دورًا مهمًا في تثبيت إقامة عبد الله أوجلان في سوريا، في تموز/ يوليو 1979. جلب جميل الأسد أوجلان ليستخدمه ضدّ تركيا، على الرغم من معارضتي لذلك، بصفتي نائب الرئيس والمسؤول عن السياسة الخارجية. كان جميل الأسد مقرّبًا من أوجلان، ولم يكن حافظ الأسد يلتقي بأوجلان بشكل مباشر، لكنه كان يتلقى المعلومات التي تخص أوجلان من شقيقه جميل بشكل دوري”.

معلومة أخرى قدّمها عبد الحليم خدام كانت لافتة للنظر: “خلال هذه الفترة، كان أوجلان يقيم في مبنى واحد مع الملحق العسكري التركي وسط دمشق. كانوا في طوابق مختلفة في المبنى نفسه. ولم يكن الملحق التركي على علم بذلك. وعندما قال ضابط استخبارات النظام لأوجلان: أنت تقيم في مكان خطير، أجاب أوجلان: أعلم منذ اليوم الأول أنني في المبنى الذي يسكن فيه الملحق العسكري التركي، لكنه لا يعرف أنني هنا، أنا مرتاح جدًا، لن يخطر في بال أحد أنني في المبنى الذي يقيم فيه مسؤول تركي رفيع المستوى، وهذا يعني أنني أعيش في أكثر المباني أمانًا في سوريا”.

عاش عبد الله الذي تحت حماية النظام السوري من عام 1979 حتى 1998، والذي مارس جميع الأنشطة الإرهابية ضدّ الكورد داخل الأراضي السورية طوال 19 عاماً، واضطرت إدارة حافظ الأسد التي لم تكترث للتنبيهات التركية، إلى إخراج زعيم التنظيم الإرهابي من دمشق عام 1999، خوفاً من تلميحات أنقرة بشن حربٍ على دمشق، عقب الرسالة التي وجهها قائد القوات البرية التركي إذ قال: “لقد نفد صبرنا”.

المقال خاص بموقع “داركا مازي”

مقالات ذات صلة