جناح حزب عبد الله “بكك” في كوردستان سوريا – 3

ماهر حسن

هل تعلمون من أعطى المعلومات حول محل إقامة عبد الله أوجلان لتركيا؟ أقصد محل إقامة عبد الله وصورته أمام منزله في دمشق، وإرسالها للدولة التركية؟!

الإجابة باختصار: هو العماد (علي دوبا) رئيس الاستخبارات العسكرية السورية في عهد حافظ الأسد.

لنستمع معاً لقصة العماد علي دوبا وحافظ الأسد وأوجلان.

لفهم أحداث هذه القصة، لا بدّ من العودة لخريف عام 1988، عندما اجتمع الأطباء المختصّين مع حافظ الأسد، وكان من بينهم فواز الأخرس، والد أسماء زوجة بشار الأسد، حيث أخبروه صراحة أنه لم تبق للأدوية أي تأثير على مكافحة مرضه، وعليه تقبّل حقيقة أن وضعه الصحي ميؤوس منه وفي خطر، وأعطوه مهلة العيش لسنة على أبعد تقدير.

بعد أيام، انتشر الخبر بين العلويين، فبدأوا باقتناء (الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل والمخازن) في بيوتهم في دمشق، وحِمْص وحلب… وجميع مدنهم.

بدأ موظفو الحكومة بنهب المال العام، من بين هذه القصص قصة الوزير السوري مفيد عبد الكريم، والذي سرق 300 مليون دولار من مشروع صفقة المقاتلات الكويتية المعروفة، والذي حكم عليه فيما بعد بـالسجن ثلاثة أشهر، فبدأ العماد علي دوبا بعملية النهب والسرقة والخداع والتضليل أيضاً، فكان يقوم بتوزيع أراضي اليهود ودورهم في حلب ودمشق على أبناء عمومته من عائلة دوبا.

كما قام وبمساعدة رئيس الوزراء آنذاك (محمود الزُعْبي) بالعديد من عمليات الفساد طالت العديد من الأملاك العامة.

كشف علي دوبا أنباءً عن محل إقامة أوجلان في دمشق، وباع هذه المعلومات للدولة التركية، آنذاك، كان حافظ الأسد يعاني مرضاً فتّاكاً خطيراً، مع ذلك، وصلته معلومات أنه سيخسر أوجلان ويفقده.

كان حافظ الأسد يعلم من يقف وراء هذا الأمر، فأصدر قراراً بإقالة العماد علي دوبا من منصبه.

كما قام بتحجيم دولة دوبا داخل الدولة، بإبعاد جميع أقاربه من عائلته من مناصبهم الحساسة، كرئيس فرع الجنايات الأمنية في الحسكة ونائب مدير المختبرات الدفاعية في الصفراء… إلخ

بعدها، حقّق حافظ الأسد مع دوبا عن مصدر هذه المعلومات والمبلغ الذي تقاضاه مقابل إعطاء المعلومات وصور أوجلان للدولة التركية!!

هذا ولم يكن لا علي دوبا ولا غيره من كبار شخصيات النظام، قادراً على الكذب على حافظ الأسد!

فأجاب دوبا: تقاضيت مليوني دولار على هذا العمل! فقال حافظ الأسد: استغللت حالتي المرضية، أليس كذلك؟!

فتوسّل إليه علي دوبا طلباً العفو والصفح، وقام بتقبيل رجله.

فقال حافظ الأسد: لقد كنت حماراً وستبقى حماري!!

اسمعني جيداً أيها الحمار: شخص كعبد الله أوجلان ثمنه ليس مليوني دولار! ولا يُباع! لكنّ نفسيتك الدنيئة طاوعتك على بيعه بثمن بخس!

هذه المرة، سأتحدّث عن تسليم المناطق الكوردية للبكك من قبل النظام السوري، وسيتمّ توثيق كل شيء حول تأريخ إصدار القرارات وعددها، والتنسيق المشترك بين قوات النظام ومسلّحي البكك بصدد تصفية القادة البارزين للحركة الكوردية، وتأسيس فرع البكك في كوردستان سوريا (وحدات حماية الشعب YPG) والسيطرة على الوضع وإنهاء الثورة والقضاء عليها، عدا تسليم المنافذ الحدودية وبالأخص مع إقليم كوردستان العراق، وملاحقة المعارضين والتنكيل بهم وتسليمهم للنظام السوري، وكذلك تقديم التقارير اليومية للاستخبارات السورية.

القرار الأول صدر عام 2012 مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة في المناطق الكوردية، برقم 5/2784، والذي أمر بتسهيل عملية عبور مجموعة من مسلّحي البكك (150 مسلّحاً) من معسكر قنديل في شمال العراق للأراضي السورية، والتنسيق للعمل على تسهيل عبورهم وتأمين نقلهم إلى فرع الأمن العسكري بحلب لتأهيلهم بدورات خاصة وفي معسكرات خاصة.

في نفس العام، صدر أمر للمسؤولين في حزب الاتحاد الديمقراطي PYD الذين يقومون بمهمة حماية الحدود مع العراق وتركيا، الكتاب صدر عن خلية إدارة الأزمة وخصّص مبلغ (250.000) ليرة سورية، لكلّ من يلقي القبض على أي عسكري يحاول الفرار إلى العراق أو تركيا مكافأة لجهودهم وتضحياتهم لحماية الوطن والقائد بشار الأسد، القرار صدر من مديرية الاستخبارات العامة في سوريا برقم 1/1830.

في 2012/7/25 تمّ إرسال مجاميع مسلّحة من البكك ذوي الخبرة القتالية لحلب، لتسهيل مهمة الجيش في تمشيط المنطقة وبسط السيطرة عليها، الكتاب يحمل رقم 15987/ م أ ق.

عام 2012، تمّ إرسال برقية لفرع الاستخبارات السورية 330، أمر فيها بـ (العمل والتنسيق مع قيادة الجناح المسلّح لحزب الاتحاد الديمقراطي / ب ي د/ بتشكيل مجموعة مؤلفة من 4 مسلّحين ذوي الخبرة القتالية واللياقة البدنية الجيدة مهمتها تصفية اشخاص بارزين من الأحزاب الكوردية الذين لهم تأثير قوي على الشارع الكوردي) رقم الكتاب 17110/4.

وتم إرسال برقية من الفرع 280 للاستخبارات لرئيس الفرع 330 في الحسكة، برقم 9132/1، طلب فيها ما يلي: “السماح لمجموعة العناصر المسلّحة من الجناح العسكري في حزب الاتحاد الديمقراطي التابع لحزب العمال الكردستاني في منطقة المالكية القيام بمهمّات وجولات في المنطقة الحدودية المتآخمة للعراق وخاصة فيما سمّي بإقليم كوردستان العراق لملاحقة عناصر المعارضة السورية والفارين من الخدمة الإلزامية الذين يحاولون الفرار إلى العراق، علماً بأن المجموعات تمّ تزويدها بكلمة السر بنداء ((ماكو)) الكتاب صدر من مكتب الأمن القومي برقم 4663 بتأريخ 2012/3/6.

والمشكلة الرئيسية هنا، هو أن يزاول الإنسان السياسة وفق مصالحه وهواه دون مراعاة تأثيرها السلبي! فعبارة (شمال وشرق سوريا) وحدها لا تكفي لتوضيح حقيقة (كوردستان سوريا) وهذه العبارات الأجنبية الدخيلة تسبّبت عموماً الضعف واليأس لدى الكورد، بعبارة أوضح، يستطيع الإنسان أن يعرّف حقيقة كوردستان سوريا كجزء من سلطة الدولة السورية.

ولكن، أيا تُرى: هل مارست البكك هذه السياسة لتعريف كوردستان سوريا؟! هنا ينبغي التفريق بين مفهوم وجوهر بعض الأسماء كـ (روج آفا-وشمال وشرق سوريا، وقوات سوريا الديمقراطية) وبين حقيقة (كوردستان سوريا) وفصلها عن بعضها البعض، فما تفعله البكك، اليوم، في كوردستان سوريا هو ما ذكرناه، فغيّرت اسمها لـ (روج آفا) دون أن يعطي المصطلح أي معنى لغربي كوردستان-كوردستان سوريا.

عندما نقول (كوردستان سوريا) نقصد منها أن جزء من كوردستاننا احتلّتها الدولة السورية

مع مفهوم ومصطلح (شمال-شرق سوريا) ليس بالإمكان أن ننال حقوقنا المشروعة، فالبكك تتحرّك وفق العديد من الأجندات والمصالح، ولإرضاء باقي المكونات، استولت البكك على العديد من القرى والمناطق وحقول الزراعة في عموم مناطق كوردستان سوريا، وأسمتها بـ (شمال وشرق سوريا) وحمت العشائر العربية كجزء من مخطّط التغيير الديمغرافي والقضاء على الحقوق المشروعة للكورد.

فالحقيقة التي لا تقبل التغيير والإنكار، هي أن: البكك قدّمت أكثر من 11 ألف شهيد تحت شعارات الكوردايتي لشرعنة سياستها هذه وإدراجها في الأطر الدستورية والقانونية، ثمّ غيّرت بعدها أسماء مناطقنا، ولم نعد نسمع بلفظة كوردستان إطلاقاً!

فمصطلحات البكك كـ (شمال وشرق سوريا) تخلق تصوّرات كاذبة، باعتبار أنه من الصعب قبول كوردستان سوريا… وأنها بهذا تؤثّر على ممارسات النظام وتعاملها!

فغيّروا كوردستان سوريا لـ (روج آفا) وضاع طعم القضية الكوردية، ولم يعد بإمكان أحد أن يبحث عن حقيقة: هل هناك أية حقوق للكورد أم لا؟!

حوّلوا كوردستان سوريا لـ “روج آفا” ولم يبق أي طعم للقضية الكوردية هناك، ولا يستطيع أحد أن يتأكّد من هل هناك أية حقوق للكورد أم لا!

السبب في ذلك يعود لصلافة أنصار البكك وأتباعها الذين يقولون: “لا فرق بين استخدام مصطلح (شمال وشرق سوريا) أو (روج آفا) فسياسة البكك مقدّسة ومباركة!” نعم، ربّما يجهلون أو يتجاهلون أن سياسة البكك مرادفة للخوف والرعب والغموض… فهذه التنظيمات تزاول مهامها على حساب مشاعر وأحاسيس وجراح كورد كوردستان سوريا-غربي كوردستان.

المقال خاص بموقع “داركا مازي”.

مقالات ذات صلة