وصلتنا معلومات موثوقة، أن قوات الدفاع الشعبي HPG الجناح المسلّح لحزب العمال الكوردستاني بكك، والجناح العسكري السوري لهذه التنظيمات (وحدات حماية الشعب YPG) تتحضّران لتنفيذ اعتداءات وهجمات على قوات بيشمركة كوردستان في مناطق بهدينان بإقليم كوردستان.
فقد كشفت مصادر محلية موثوقة، أن قوات الدفاع الشعبي HPG بصدد جمع معلومات استخباراتية عن مواقع بيشمركة كوردستان لهذا الغرض.
من جانبها وكجزء من هذا المخطّط، بدأت وسائل إعلام البكك بشنّ حملة هوجاء على بيشمركة كوردستان لتبرير هذه الأعمال والاعتداءات المحتملة على بيشمركة كوردستان، وإضفاء الشرعية عليها.
الفيديو الملفت للانتباه لوكالة البكك ANF
آخر هذه المقاطع انتشاراً، هو ما نشرته وكالة فرات للأنباء ANF، حيث يظهر مقطع الفيديو هذا مواقع وقواعد ونقاط بيشمركة كوردستان على القمم المجاورة لمدينة ئاميديي-العمادية، فيتمّ إظهار هذه القواعد واحدة تلو الأخرى، ويتحدّث أحد خلال مقطع الفيديو فيقول: “يرفع علم كوردستان هنا إلا أنّنا نعرف جيداً هل يتواجد عساكر الأتراك هنا، وأن تواجد البيشمركة هنا هو محلّ شكوكنا!” كما عنون مقال ANF الموضوع بـ (نصبت الأعلام لحماية جنود الاحتلال من مقاتلي الگريلا!).
ويبدو جلياً أن من قام بتسجيل ونشر المقطع المصوّر هم عناصر من قوات الدفاع الشعبي، علماً أن ما ورد من معلومات خلال المقطع المصوّر هي معلومات مغلوطة وعارية عن الصحّة تماماً، فقوات الدفاع الشعبي تحاول من وراء نشر هذا المقطع المصوّر لمواقع البيشمركة، خلق مفهوم (تواجد العساكر الأتراك) في هذه المواقع والنقاط، وأنها إذا ما شنّت هجوماً محتملاً على هذه المواقع والنقاط في المستقبل فهي ستبرّر اعتداءاتها وهجماتها بأنها هاجمت جيش الاحتلال التركي، وستزعم كما الآن أم البيشمركة تواجدوا في هذه المواقع للدفاع عن جيوش الاحتلال!! بل لاتّهموا بيشمركة كوردستان بماهية الأسباب التي دفعتهم للتواجد في هذه المناطق؟!!
استشهاد 5 من بيشمركة كوردستان على يد جلاوزة البكك في هذا الموقع سابقاً…
المنطقة التي تمّ تصويرها نُشرت تحت عنوان (الحزب الديمقراطي الكردستاني يقدم المساعدة للجيش التركي العالق في متينا) كانت هي المنطقة نفسها التي أغارت فيها جلاوزة البكك هجوماً عدوانياً على بيشمركة كوردستان، نعم أوقعت البكك خلال هجومها في (بري سيلي) وما حولها، 7 من كوكبة بيشمركة كوردستان شهداء إضافة لعشرات المصابين والجرحى! رغم كلّ ذلك استطاع بيشمركة كوردستان إبعاد هذه المناطق الاستراتيجية منذ عام 2020 من الصراع الشكلي والزائف بين الدولة التركية ومسلّحي البكك، وتحريرها إنقاذها من أن تتحوّل لمنطقة حرب مدمّرة بين القوتين الدخيلتين على كوردستان، والتمركز في هذه المناطق والحؤول دون احتلال هذه القمم الاستراتيجية من قبل الدولة التركية.
إلّا أنه وبسبب عرقلة البكك والعقبات التي خلقتها آنذاك، لم تستطع قوات بيشمركة كوردستان من بسط سيطرتها على تلّتي (هكاري وإف أم) ورغم أن وجهاء وأشراف المنطقة أجروا لقاءات ومحادثات مع قوات الدفاع الشعبي HPG حول هذا الأمر وطالبوا من هذه القوات مغادرة هذه المناطق والابتعاد عنها، وتسليمها لبيشمركة كوردستان، إلّا أن البكك رفضت هذه المقترحات جملة وتفصيلاً، وقالوا حينها بأنهم يعتبرون هذا المقترح كإعلان للحرب وسبب لاندلاعها! ولكن للأسف الشديد سلّمت البكك هذه القمم الاستراتيجية لجبل متينا في آب 2022 للعساكر الأتراك خلال سويعات على غرار عموم المناطق الكوردستاني الاستراتيجية التي سلّمتها البكك للدولة التركية دون إطلاق رصاصة واحدة!
المنطقة التي تظهر في مقطع الفيديو الذي أعدّته البكك ونشرته، هي منطقة جبلية تبعد حوالي كيلومترين هوائيين عن مركز قضاء ئاميديي-العمادية، أخلت قوات بيشمركة كوردستان هذه المناطق بعد هجوم تنظيم داعش الإرهابي على إقليم كوردستان وتوجّهوا لسهل نينوى لمواجهة تنظيمات الظلام هناك، فيما استغلّت تنظيمات ظلام أخرى (البكك) هذه الفرصة وتمركزت في هذه المناطق!
أيا تُرى هل منعت قوات بيشمركة كوردستان البكك من طرد العساكر الأتراك من هذه المناطق؟!
القمم والتلال التي تتحدّث عنها البكك إنّما تبعد فقط كيلومترين هوائيين عن مركز ئاميديي-العمادية، هذه القمم تقع على الطريق الذي يربط (دهوك، ئاميدي، ديرلوك وشيلادزي) وتهيمن عليها، تقع هذه المنطقة الجبلية بمحاذاة جبل گاره، وتلة هكاري تعتبر منطقة استراتيجية مسيطرة على عموم منطقة الزاب، وهذه المنطقة خاضعة لسيطرة ونفوذ البكك منذ عام 1992، وقد وضعت هذه التنظيمات عليها نقاط المراقبة وأسلحة الدوشكا، فهل يُعقل أن تسلّم البكك هذه المنطقة البالغة الأهمية والاستراتيجية للاحتلال التركي خلال دقائق؟! فخلال ليلة واحدة فقط أخلت البكك هذه المنطقة وسحبت منها قواتها العسكرية لتمركزها في تلة (بهاري) خلف قرية كوهرزي وبرجي!
وخلال الفيديو الذي نشرته البكك، يقول عناصر قوات الدفاع الشعبي بأن التلال التي يسيطر عليها بيشمركة كوردستان وأقامت عليها قواعده عسكرية، هي لمنع قوات الگريلا من مهاجمة الجيش التركي على تلة هكاري؟! وأن البيشمركة رفعوا علم كوردستان في ثلاث قواعد على ثلاث تلال من أجل حماية الجيش التركي في مواجهة عمليات قوات الگريلا!! فهل هذه الادّعاءات صحيحة؟!
لا يخفى على أحد كذب هذا الادّعاء، فبيشمركة كوردستان وقواعدهم العسكرية ونقاطهم لم تكن يوماً مانعاً من شنّ هجمات على جيش الاحتلال التركي، فتلة (هكاري) مثل باقي القمم والتلال، لها أربع جهات، يتواجد بيشمركة كوردستان على جهّة واحدة فقط من هذه الجهات، بينما الجهات الثلاث الأخريات فارغة.
انعدام عمليات البكك ضد الجيش التركي في كلّ مكان…
هناك موضوع آخر، وهو أن الجيش التركي لا يتواجد على تلة هكاري وحدها، فهو متواجد على طول الخط الواصل من حفتنين إلى منطقة برادوست بطول 200 كم، كما توغّل جيش الاحتلال التركي 45 كم طولاً في عمق إقليم كوردستان، فادّعاءات البكك بأن بيشمركة كوردستان يقدّم المساعدة لجيش الاحتلال العالق في متينا ويمنع قوات الگريلا من مهاجمة جيش الاحتلال التركي كذب محض، فكما يُقال في المثل الكوردي (لم يمسك أحد يد الشجعان) فلو أرادت البكك شنّ هجمات على جيش الاحتلال فإليك العنوان: ها هو عموم شمالي كوردستان-كوردستان تركيا (جلي وقلبان وشمزينان وشرنخ… إلخ) فتوجّهوا هناك وهاجموا جيش الاحتلال!
وكذلك في إقليم كوردستان، فهناك العديد من القمم والتلال والمناطق الاستراتيجية التي انسحبت منها البكك وسلّمتها لجيوش الأتراك، فها هي (قمة خامتور وششدارا وقمة كيسته وسرى سينيا وشكفتا بريندارا وأورخليه وسري داري ومام رشو وكوفندي وبوتيا وعفدال كوفي وقمة شكيف وليلكان…) فتفضّلوا يا شجعان وهاجموا الأتراك هناك!!
هل فعلاً قام بيشمركة كوردستان بإنشاء الطرق والقواعد لجيوش الأتراك؟!
في الفيديو المصّور والذي نشرته البكك على وسائل إعلامها، هناك ادّعاء آخر مفاده أن بيشمركة كوردستان قام بإنشاء الطرق والقواعد لجيش الاحتلال التركي منذ تموز الماضي! وقد كرّرت البكك هذا الادّعاء نهاية الصيف الماضي، وهي دعاية كاذبة لا تمت للحقيقة والواقع بصلة، فمن ناحية ئاميديي-العمادية لا يتوجّه طريق لتلة هكاري، كما ليست هناك أية طرق مؤدّية لقواعد جيش الاحتلال التركي، كما ليست هناك أية طرق منها تحت حماية بيشمركة كوردستان وسيطرته، بل أنشأت الدولة التركية الطريق إلى تلة هكاري من (دشتان) في المنطقة التي كانت واقعة تحت سيطرة ونفوذ البكك ومسلّحيها منذ 35 عاماً! فهنا نحن من يطرح الأسئلة على البكك: كيف تسمحون للدولة التركية بإنشاء الطرق في المناطق التي كانت تحت سيطرتكم منذ أكثر من 35 عاماً؟! فنحن على يقين أن الأمر أنجز بموافقتكم، وأن الدولة أنشأت هذه الطرق بموافقتكم، وأنكم تأخذون الضرائب من المقاولين على إنشاء هذه الطرق، وسنكشف هذه الحقائق في سابق الأيام…
والملفت للنظر هو أن الطريق التي تتحدّث عنها البكك هي الطريق نفسها التي أنشأتها البكك، فالبكك أعادت الحياة للطريق القديم الذي يربط قضاء ئاميديي بمنطقة نهيلي في عام 2011-2012، وأوصلتها إلى وادي الزاب بالمركبات والسيارات، وأنشأت الطرق إلى عموم نقاطها بين عامي 2009-2017 فمسلّحوها كانوا يتنقلون بالسيارات لنقاطهم وقواعدهم، وقد كانت موضة آنذاك أنه لا ينتقل أحد من مسلّحي البكك إلّا بالمركبات!
استنتاجات
أُرغمت البكك خلال عام 2020 على وقف هجماتها العدوانية على بيشمركة كوردستان نتيجة ردود الأفعال الشعبية الغاضبة من الشعب الكوردي على اعتداءاتها على بيشمركة كوردستان، وممّا لا شكّ فيه أنه كانت لهذا الأمر أسبابه السياسية، فاستراتيجية البكك الرئيسية هي عداوة إقليم كوردستان ومحاربة هذا الإقليم، وهي استراتيجية غير قابلة للتغيير في نظام البكك، ويدور الحديث حول المخطّط العسكري للبكك لعام 2023 وورد فيه أنباء عن هجوم عسكري محتمل على بيشمركة كوردستان، وأن هناك لقاءات سرية بين البكك وحزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP) وأن البكك بصدد شنّ هجمات مسلّحة ضد بيشمركة كوردستان متى ما أوقف الحزب الحاكم AKP هجماته الجوية، وانتهى الصراع الشكلي بين الطرفين، كما أن هناك محاولات جدّية لتأزيم وعرقلة عملية الحلّ وإفشال اتفاقية شنگال المبرمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان والقادة الروحانيين للإيزيديين لتطبيع الأوضاع في شنگال.