ماذا وراء قرار الرئيس العراقي بخصوص الكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو؟!

ماذا وراء قرار الرئيس العراقي بخصوص الكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو؟!

قرار خلق ردود أفعال غاضبة لدى أتباع الكنيسة الكلدانية في العراق وإقليم كوردستان، حيث دعت الكنيسة الكلدانية في مدينة عنكاوا بعاصمة إقليم كوردستان-أربيل، سكان المدينة إلى التظاهر رفضاً للمرسوم الذي أصدره الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد بخصوص الكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو.

بيان الكنيسة الكلدانية حمل في طياته لهجة استعلائية-ومن حقّها أن تفعل- حيث طالب أبناء الشعب المسيحي والقوى السياسية والمؤسسات الاجتماعية والثقافية بأن يقفوا وقفة واحدة يداً بيد، من أجل إيصال رسالتها المطالبة بسحب المرسوم الظالم من قبل رئيس الجمهورية العراقية المطالب بالرجوع عن قراره المجحف القاضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو، وأكّد البيان أن الكنيسة الكلدانية لن تقبل أن تُهان من قبل كائن من يكون ومن قبل أية شخصية مهما علا شانها.

ماذا كان قرار رئيس الجمهورية العراقية؟

كان رئيس الجمهورية العراقي عبد اللطيف رشيد قال في بيان إن “وسائل الإعلام تداولت ما جاء في العدد (4727) من الوقائع العراقية الصادر في (3 تموز 2023) والمتضمن المرسوم الجمهوري رقم (31) القاضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو”.

وأضاف رشيد بأنه “إذ نؤكد أن سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو كونه معيناً من قبل الكرسي البابوي بطريرك للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، لكن سحب المرسوم جاء لتصحيح وضع دستوري إذ صدر المرسوم رقم (147) لسنة 2013 دون سند دستوري أو قانوني فضلاً عن مطالبة رؤساء كنائس وطوائف أخرى بإصدار مراسيم جمهورية مماثلة ودون سند دستوري”.

القرار خلق شكوكاً لدى الباحثين في الشأن العراقي، نظراً لتوقيته، كما يرى المتابعون للشأن الداخلي العراقي أن هناك من يقف وراء هذا القرار، أي أنه قرار بإملاءات ميليشاوية، لأنها صدرت بحق شخصية مسيحية تعاديه ميليشيات مسيحية مسلّحة تابعة لميليشيات الحشد الشعبي! فيا تُرى إلى من تشير أصابع الاتّهام؟

ميليشيات “كتائب بابليون”

ميليشيات “كتائب بابليون” معروفة بأنها حركة مسيحية في الأعلام والأوساط العامة وهي إحدى ميليشيات الحشد الشعبي في العراق يقودها المدعو (ريان الكلداني) المصنّف على لائحة الإرهاب، والمدرج على لائحة العقوبات الأميركية منذ عام 2019 بتهم انتهاكات حقوق الإنسان والفساد، والذي تعتبره واشنطن أحد أسباب تأخّر عودة الوجود المسيحي إلى مناطق سهل نينوى، شمالي العراق.

تأسّست هذه الميليشيات في سنة 2014، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بميليشيات عصائب أهل الحقّ التي يتزعّمها قيس الخزعلي المتّهم بالعديد من الجرائم والانتهاكات والمدرج على لوائح الإرهاب الأمريكية والأوروبية.

حيث كان الزعيم الدين المسيحي في العراق وبطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق، الكاردينال لويس روفائيل ساكو، قد قال في حوار تلفزيوني:

“عصابة بابليون ليست مسيحية وإنما شيعية والمسيحيين فيها فقط 50 فرد، وأن ما يصدر من أعمال سرقة وأعمال إرهابية من عصابة بابليون يتحمّله الحشد والشيعة ونحن كمسيحيين براءة منها”

والكلداني يقود جماعة مسلّحة منضوية ضمن ميليشيات “الحشد الشعبي” تحت مسمى “اللواء 50″.

ماذا وراء قرار الرئيس العراقي بخصوص الكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو؟!

وعلى الرغم من واجهتها المسيحية -أي عائلة كلداني وبعض قادة الوحدات- إلّا أن ميليشيات “كتائب بابليون” ليست هي الوحدة المسيحية كما تصوّر نفسها، حيث أن الأغلبية الساحقة من عناصرها ليسوا مسيحيين، ومعظمهم من العرب الشيعة من جنوب العراق.

هل القرار بمثابة أزمة متجددة بين بطريرك الكلدان الكاثوليك وزعيم مليشيا “بابليون”؟!

قد يكون القرار بمثابة عودة الصراع على أشدّه بين بطريرك الكلدان الكاثوليك، الكاردينال لويس روفائيل ساكو، وزعيم مليشيا “بابليون” المسيحية ريان الكلداني، المدرج على لائحة العقوبات الأميركية منذ عام 2019 بتهم انتهاكات حقوق الإنسان والفساد، والذي تعتبره واشنطن أحد أسباب تأخّر عودة الوجود المسيحي إلى مناطق سهل نينوى، شمالي العراق.

حيث تبادل الطرفان، في الماضي، التهم والبيانات عبر وسائل الإعلام والمؤتمرات الصحافية، في تدشين لمرحلة جديدة من الصراع على الوضع الديني والسياسي للمكون المسيحي، الذي لم يمرّ بحالة جيدة منذ حرب تحرير العراق عام 2003.

إذ اعتبر البطريرك آنذاك، أن الكلداني لا يمثل المكون المسيحي، وأكّد تورّطه في سرقة أملاك المسيحيين، وقال في مؤتمر صحافي: “لا أسمح لنفسي بمناظرة شخصية كريان الكلداني، لا ترتقي لأبجديات الحديث” بعدما طالبه الأخير بمناظرة علنية على الهواء مباشرة.

وأكّد الكاردينال ساكو أن ريان الكلداني، سرق أملاك المسيحيين في بغداد ونينوى وسهل نينوى ويحاول شراء رجال الدين المسيحيين بمساعدة امرأة وضعها بمنصب وزيرة” في إشارة الى وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو التابعة لحركة “بابليون”.

وأضاف البطريرك الكلداني أن “السياسة الحالية قسّمت المسيحيين كما قسّمت الشيعة والسنة، ونحن جهة دينية ولا نتدخل بالأمور السياسية” مشدّداً على أن “ريان الكلداني لا يمثل المكون المسيحي، ولا أهلية له لقيادة المسيحيين ويريد السيطرة عليهم في العراق، بعد استحواذه على حصتهم في الانتخابات”.

وأبدى ساكو استغرابه من صمت الحكومة العراقية على تجاوزات صدرت بحقّ الكنيسة من قبل الكلداني، متوعداً باللجوء إلى المجتمع الدولي: “لردع الكلداني في حال لم تتدخل الحكومة العراقية” كما انتقد قيام مليشيا “بابليون” بحمل صور رموز دينية مع الأسلحة في الشوارع، وقال: “لسنا في حرب صليبية”.

من جهته، ردّ الكلداني على ساكو في بيان، واتهمه بـ”الكذب” وأضاف “لقد أمضى أعواماً (ساكو) وهو بالأسلوب نفسه ومقولات متكرّرة ومتشابهة. ساكو يقول إن علينا احترام الثوب الكنسي، ونحن نرد بأن يحترمه هو” مطالباً الكاردينال بخلع ثوبه داعياً إياه لـ “مناظرة علنية” حول المكون المسيحي.

والجدير بالذكر، يرى باحثون سياسيون، أن الكلداني يسعى للسيطرة الكاملة على القرار المسيحي في العراق بالركون إلى الميليشيات المسلّحة الموالية لإيران والتعويل عليها، لذا اعتبره ساكو مطروداً من الملة، وبالتالي فإن الكلداني قد يسعى إلى تشكيل حالة دينية جديدة لمنافسة ساكو على موقعه المعنوي، وهذا القرار قد يكون خطوة في هذا الاتّجاه…

مقالات ذات صلة