في مساء يوم الأحد 23 تموز 2023، ونتيجة انفجار سيارته بعبوة لاصقة في أحد شوارع مدينة زاخو بإقليم كوردستان، استشهد العميد (محمد ميرزا) في عمل إرهابي جبّان قام به مسلّحو حزب العمال الكوردستاني بكك، وبعد مرور أيام قليلة، أعلن مجلس أمن إقليم كوردستان، تفاصيل جديدة حول الحادث، بحيث لم يبق أي مجال للشكّ حول وقوف حزب العمال الكوردستاني بكك وراء استشهاد العميد، مؤكداً أنه اغتيل في عمل إرهابي من قبل إرهابيي حزب العمال الكوردستاني “بكك” من خلال انفجار قنبلة كانت مزروعة في سيارته، وحسب ما نشره موقعنا موقع “داركا مازي” في الـ 9 من تموز الجاري، أن البكك كانت قد أعلنت شروعها بالاعتداءات والهجمات المستهدفة لإقليم كوردستان أرضاً وشعباً وبيشمركة ومدنيين…
هجمات البكك تأتي في إطار هجمات الجبهة المعادية للكورد
بعد الهزيمة النكراء والانتكاسة المريرة التي مُنيت بها البكك والأحزاب والكيانات التابعة في الانتخابات التركية الأخيرة، تحاول البكك وبشكل هيستري تزييف الحقائق وتغيير الواقع بالهروب منه عن طريق إثارة مواضيع شائكة وخلق اضطرابات وفوضى عارمة للتستّر على انتكاساتها المتتالية وفشلها الذريع على كافة الصعد، وفي هذا السياق، يبدو أن هذه التنظيمات الدخيلة على الكوردايتي ستواجه الكورد وتحاربهم أكثر من أي وقت مضى!
ولكن يبدو أن هناك مخطّطاً قذراً ومؤامرة دنيئة وراء ارتفاع وتيرة الهجمات المستهدفة لإقليم كوردستان وحدّتها، والتي من المتوقّع أن تزداد أكثر، وهي: أن الجبهة المعادية المناوئة للكورد وكوردستان من المتعاونين والمتحالفين مع الشيعة وشركائهم، وبعض اللوبيات الغربية، تحاول خلق ضغوطات سياسية واقتصادية على كوردستان، وبالتأكيد يتمّ هذا بالتعاون مع بعض الكورد الخونة من الداخل والذين هم بدورهم دخلوا هذا المشروع التخريبي من أوسع أبوابه، والقوة الرئيسية من بين هؤلاء المرتزقة هم البكك، فالبكك وكنهج خياني ولخلق المزيد من الاضطرابات ونشر الفوضى وزعزعة استقرار إقليم كوردستان سترتكب العديد من الجنايات والجرائم، كالتي حدثت في زاخو من أجل خلق ضغوطات نفسية ونشر الخوف والرعب بين مواطني الإقليم.
ماذا وراء اغتيال محمد ميرزا؟
أحد الأسماء المعروفة في مدينة زاخو العزيزة، هو محمد ميرزا (67 عاماً) وهو من عائلة وطنية مناضلة من أبناء عشيرة السندي إحدى العشائر الكوردية العريقة والكبيرة في إقليم كوردستان.
فيما مضى، كان محمد ميرزا قياديا بارزاً في قوات بيشمركة كوردستان، ولكن بعد عام 2006 لم يبقى على رأس عمله بسبب بعض المشاكل الصحية، ونظراً لتقدّمه في السنّ أحيل إلى التقاعد، كان يميل كثيراً إلى الموسيقى وينشغل كثيراً بالأبحاث الثقافية عن الكوردايتي، كان شخصاً مدنياً معروفاً لدى جميع الأوساط في زاخو، يتجوّل في المدينة بشكل اعتيادي دون حراسة أو حماية أو رفقة أحد، وربّما يكون أحد الأسباب التي وقفت وراء اغتيال البكك لـ محمد ميرزا هو علمها بأنه لا يتبع أسلوباً أمنياً أو حراسة مشدّدة، فاستهداف أحد قدامى قادة البيشمركة والمعروفين الذين يتجوّلون دون حراسة أو حماية كانت هدفاً سهلاً للبكك وفي الوقت نفسه مؤثّراً.
استهداف البكك لمحمد ميرزا يأتي بمثابة استهدافها لعشيرة السندي والسنديين، بل هو بمثابة استهداف لعموم إقليم كوردستان وعلى وجه الخصوص مدينة زاخو وأهلها المخلصين.
فصراحة القول، أن هذا الهجوم التي استهدف محمد ميرزا في منطقة عشيرة السندي ليس هجوماً كباقي هجمات واعتداءات البكك المرتبطة بقوات البكك المتواجدة في المنطقة، بل هو مرتبط ارتباطاً مباشراً ووثيقاً بالقيادة المركزية لقوات الدفاع الشعبي (NPG) والتي يترأسّها مراد قره يلان، وأن القرار صدر منها مباشرة.
البكك تحاول القضاء على زاخو وإنجازاتها وتطوّراتها وازدهارها
تمركزت البكك في مناطق عشيرة السندي منذ عام 1983، أي في منطقة حفتنين، ولكن رغم هذا لم تر أية عشيرة كوردية في المنطقة هذه التنظيمات على أنها حركة أو تنظيم كوردي، كما لم تربطها بهذه العشائر أية روابط أو علاقات، نعم قد تكون هناك علاقات تجارية فردية بين البكك وبعض الأشخاص ولكن دون مستوى العشيرة، فعشيرة السندي لم تتقبّل البكك لغاية اليوم.
فقد حاولت البكك في السابق أيضاً خلق مشاكل داخلية بين عشيرة السندي لكسب تأييد بعض أبنائها، وفصلهم عنها وضمّهم لجبهتها وتحويلهم لأنصار وأتباع لتنظيماتها، لكنّ عموم هذه المحاولات باءت بالفشل، وبالأخص بعد تنفيذ العملية العسكرية التركية الموسومة بـ (المخلب-النمر) والتي أطلقتها الدولة التركية في حزيران عام 2020 في منطقة حفتنين، فالعملية زادت من استياء أبناء عشيرة السندي وخنقهم وابتعادهم عن البكك، فالبكك وبعد الانسحاب المخجل من مواقعها ومعاقلها التي كانت منطقة نفوذ لها طيلة 40 عاماً، في وقت قياسي، وعقب اندلاع اشتباكات وهمية شكلية، وإهداء هذه المناطق للدولة التركية على طبق من ذهب، وانتقالها بعد ذلك داخل أراضي وممتلكات ومزارع وبساتين القرويين في منقطة حفتنين وخانتير وميركا شيش وبرخ ووادي بزاخا، حيث كانت قد احتلت تلك المناطق منذ أربعة عقود، ولم تكن تسمح لأبناء هذه القرى وأهاليها بالتوجّه إلى قراهم وإدارة حياتهم البسيطة، ما جعل أبناء هذه القرى وهذه العشيرة يستاؤون لحدّ كبير، قائلين: “البكك التي منعتنا من قرانا طيلة أربعة عقود، سلّمت هذه المناطق للعساكر الأتراك خلال يوم!!”.
فأهالي المنطقة تيقّنوا أن البكك ليست حركة أو تنظيماً كوردياً صامداً، فهي دأبت على الاستسلام والانسحاب والهروب لدى أية مواجهة، لهذا لا تربط البكك بأهالي المنطقة سوى روابط تجارية ضيّقة، وأهالي المنطقة لم يستسيغوا تواجد البكك في منطقتهم ولم يتقبّلوها، ولم يسمحوا لها بوضع سواترها ونقاطها وقواعدها بالقرب من قراهم، كذلك انتشرت قوات حرس الحدود في ناحية باطوفة ومحيطها، وعوض أن تهاجم البكك عساكر الأتراك وقواعدهم في المنطقة، قامت بمهاجمة قوات حرس الحدود! فالبكك قد أهدت جنة الوطن هذه للعساكر الأتراك وتحاول اليوم خلق المزيد من المشاكل ونشر الفوضى والاضطرابات داخل المدن لنشر الرعب والقلق بين الناس.
اليوم، كيف هيو الوضع في زاخو؟
بعد أن تحوّلت مدينة زاخو لإدارة مستقلّة في تموز عام 2021، فتحت الإدارة المدنية الجديدة، صفحة جديدة، شهدت تطوّراً وازدهاراً ملحوظين في العديد من المجالات الاقتصادية والإدارية والعمرانية وتقديم المشاريع المختلفة لخدمة الشبيبة، وتهيئة المجال أمام التعيينات وزيادة فرص العمل، والاهتمام بقطّاع السياحة والتجارة والزراعة والصناعة، بحيث نستطيع القول وكأنّ المدينة خلقت من جديد، وأن فرحة أهالي زاخو لم تكن لتوصف نحو الاهتمام الذي ولّته حكومة إقليم كوردستان بإدارتهم المستقلّة.
والمستاء الوحيد والحانق من هذا الوضع المستقر والمزدهر هو البكك وحدها، فالبكك لم تتعلّم العيش في مناطق يعيش أهلها بهدوء وراحة وأمن وأمان واستقرار، فمن مقوّمات العيش لدى هذه التنظيمات أن تكون هناك اضطرابات وفوضى ومشاكل ولا أخلاقيات، فإذا انتفت هذه الأشياء لا تقدر البكك على العيش في أية منطقة كانت، لهذا فالوضع المستقر والمزدهر والآمن لمدينة زاخو أثار غضب البكك واستياءها، فها هي لا تدّخر أية جهود تخريبية لتأزيم أوضاع زاخو، ففي يوم الأربعاء المصادف لـ 2023/7/5، استهدف مقرّ اللواء الأول لقوات حرس الحدود بطائرة مسيّرة مفخّخة، ويوم الأحد 2023/7/23 أغتيل العميد محمد ميرزا في تفجير إرهابي وسط مدينة زاخو…
فالبكك أرادت من وراء عملية اغتيال محمد ميرزا خلق الاضطرابات ونشر الفوضى في زاخو، ونشر الرعب والهلع بين سكّانها الآمنين.
البكك تعقد المؤتمرات في لوزان وتقتل الكورد في زاخو
تمّ اغتيال محمد ميرزا في اليوم الذي كانت البكك تنظّم فيه مؤتمراً في لوزان السويسرية، فالبكك نشرت خلال مؤتمرها في لوزان رسائل السلام الوهمية، ودعت إلى وحدة الكورد…!! لكنّها في كوردستان هاجمت صميم الوحدة الوطنية الكوردية ونشرت الرعب والقتل والإرهاب! اغتالت بيشمركة من قدامى بيشمركة كوردستان، فحقيقة البكك لا تظهر في الأكاذيب التي أطلقتها في لوزان، بل جسّدتها الجريمة الإرهابية التي ارتكبتها في زاخو.
فالبكك تنشر الرعب والدمار والقتل في المناطق التي لا تستطيع التكيّف معها أو فرض نفسها فيها، فالجريمة التي ارتكبتها البكك في زاخو نراها تزامنت وبشكل دقيق مع الضغوطات وإحاكة المؤامرات ضدّ إقليم كوردستان وكيانها الشرعي والمعترف به دولياً، ونتوقّع استمراريتها، ورغم هذا فالبكك لا تتبنّاها علناً بل تنفي أي اضطلاع لها في هذه الجرائم والجنايات.
فاغتيال محمد ميرزا يثبت أن البكك أصبحت تنظيماً معادياً للكورد وبعيداً عن قيم ومبادئ وأخلاقيات الكورد وكوردستان…