تحدّث الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في منظومة المجتمع الكردستاني (KCK) جميل بايك، خلال برنامج خاص على فضائية البكك (Stêrk TV) حول التطوّرات في كوردستان وتركيا والشرق الأوسط، والسياسة الجديدة لحزب العمال الكوردستاني بكك، كانت هناك العديد من المزاعم والادّعاءات في حديث بايك اسوة بباقي قادة ومسؤولي البكك، وكالمعتاد، اتّهم بايك خلال خطابه الفارغ قوات بيشمركة كوردستان بالارتزاق والعمالة لتركيا، علاوة على ما دأب عليه قادة البكك عموماً وبايك على وجه الخصوص، من اتّهامات ومزاعم عارية عن الصحّة تجاه نهج البارزاني وقيادته الحكيمة للكورد في ظلّ الظروف الراهنة والمصيرية بالنسبة للكورد في الشرق الأوسط.
بايك: بيشمركة كوردستان يلبسون ملابس الجنود الأتراك ويشاركون في العمليات العسكرية ويقاتلون مع الجنود الأتراك!
زعم بايك خلال خطابه المطوّل والمملّ قائلاً: (يأخذون بطاقات الهوية من البيشمركة ويلبسونهم ملابس الجنود الأتراك، وبهذه الطريقة يقاتلون مع الجنود الأتراك ضدّ الكريلا، يخرج الجنود الأتراك من مقرّات عائلة البارزاني ويهاجمون الرفاق!).
مزاعم بايك هذه وادّعاءاته ليست بجديدة على الساحة، فالبكك وقادتها المهزومين دأبوا منذ سنوات وعقود على ترويج ونشر مثل هذه الإشاعات والدعايات الباطلة الفارغة والعارية عن الصحّة تماماً، دون إثباتها أو توثيقها للراي العام الكوردي ولو لمرّة واحدة على الأقل، وذلك بسبب كونها اتّهامات باطلة وأكاذيب وافتراءات بحق هذه القوات الوطنية المضحّية والمخلصة.
فلا أساس من الصحّة إطلاقاً للإشاعات والشائعات التي تكرّرها قوات الدفاع الشعبي HPG الجناح المسلّح للبكك، وقائدها المهزوم مراد قره يلان ورأس هرمهم جميل بايك، وماكيناتهم الإعلامية وأبواقهم الدعائية، والتي مفادها أن بيشمركة كوردستان والجيش التركي ينفّذان معاً عملية عسكرية ضدّ الگريلا في خواكورك، وأن بيشمركة كوردستان يلبسون لباس الجنود الأتراك ويتركون هوايتهم لئلّا يتمّ التعارّف عليهم!! ولو نظرنا لمحتوى هذه الإشاعات والشائعات الكاذبة عن كثب لظهر لنا زيفها وكذبها وبطلانها، كونها اتّهامات لا تستند على دليل موثّق، كما لا تذكر أية منطقة بالتحديد، ولا تذكر أية تفاصيل إطلاقاً! فهي اتّهامات يطلقها قادة البكك جزافاً في محاولة منهم للاستهانة بعقل وضمير الشعب الكوردستاني، فالمنطقة المسمّاة بـ (خواكورك) التي ذكرها بايك منطقة واسعة وشاسعة، تضمّ المئات من الجبال والتلال والوديان… ولا توجد أية قواعد ونقاط لبيشمركة كوردستان بالقرب من قواعد الجيش التركي الذي تمركز هناك بفضل البكك وسياساتها القذرة، فحتّى لو أطلقت الدولة التركية عملية عسكرية فليس بمقدور بيشمركة كوردستان حتّى رؤيتها أو الاطّلاع عليها، كون الدولة التركية المحتلّة وجيوشها تتمركز على أعلى القمم والتلال في المنطقة، فالحقيقة أن هناك قوتين مشتركتين لا ثالث لهما في المنطقة، ألا وهما الدولة التركية ومرتزقتها من البكك.
فليست الإشاعات القائلة بأن بيشمركة كوردستان يشاركون في العمليات بلباس الجنود الأتراك وتؤخذ منهم هوياتهم.. إلا سيناريو آخر من سيناريوهات البكك لا غير، فكما أكّدنا مراراً وتكراراً، أن بيشمركة كوردستان هي القوة الرسمية الحامية لإقليم كوردستان والمدافعة عنه، وعموم عناصر بيشمركة كوردستان أبناء عوائل أو أربابها، وينتمون إلى عشائر كوردية عريقة ومختلفة، تربطهم علاقات قرابة وصهر وغيرها من العلاقات الاجتماعية، عموم أقاربهم وعوائلهم على علم بمكان تواجدهم وماذا يفعلون و… إلخ، فهذه المعلومات لا تخفى على أحد من أقاربهم وذويهم، فالنظام العسكري المتّبع في قوات بيشمركة كوردستان والذي يكشف رتبة كلّ واحد منهم ومجال تخصّصه وعمله ومهامه ودوامه وغير ذلك من المعلومات الدقيقة حول هذه القوات… لا مجال فيه للتضليل والكذب… فهم يتحدّثون بشكل شبه يومي مع عوائلهم وأقاربهم وأطفالهم وآبائهم وأمهاتهم… وليس قطعاً كالنظام العنيف والقاسي والمتّبع لدى حزب العمال الكوردستاني وقواته المسلّحة على غرار العصابات والمرتزقة، فآلاف أبناء الكورد من الشباب والأطفال والفتيات لقوا مصرعهم بين رفوف مسلّحي البكك ولا يعلم أحد مصيرهم لغاية اليوم، فالبكك تخفي نبأ مقتلهم على عوائلهم والشعب الكوردي والرأي العام لسنوات دون خجل أو وجل! وذلك لأن البكك ترى هؤلاء الأطفال والشباب ملكاً حصرياً لتنظيماتها، لها الحقّ في التضحية بهم متى ما شاءت وكيفما شاءت دون محاسبة، قرار موتهم وحياتهم مرهون بمزاج البكك، لهذا لا أهمية إطلاقاً للعائلة والعشيرة في معادلة البكك، على خلاف نظام بيشمركة كوردستان، فالعنصر في قوات بيشمركة كوردستان هو ملك نفسه ويملك إرادته الشخصية وله عائلة وعشيرة ينتمي إليها وتهتمّ بأمره…
توحيد الخطاب الكاذب لقادة البكك مؤشّر على هول المخطّط وشدّته
إطلاق أكاذيب وافتراءات من جانب طبقة رفيعة بهذا المستوى من قادة البكك مؤشّر خطير على أنّنا في مواجهة مؤامرة عظيمة ومخطّط خطير للبكك، لم يبقى في طريق ظهوره على ساحة إقليم كوردستان، سوى الأرضية المناسبة التي تحاول البكك تهيئتها وخلقها من وراء هذه الأكاذيب والإشاعات والشائعات المهوّلة، وبالذات بعد قرار البكك إشعال فتيل حرب داخلية ضدّ بيشمركة كوردستان، وادّعاءات بايك بأن هناك وضع الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعائلة البارزاني، وأن عموم الكورد أصحاب الضمائر الحية يواجهون الصعوبات ولديهم ردود أفعال بسبب هذا الوضع-حسب ادّعاءاته وأكاذيبه!!
(ورغم أنه ليس موضوع هذا المقال، ينبغي علينا الإشارة هنا إلى شيءٍ بالغ الأهمية، ألا وهو أن البكك قامت بغسل أدمغة أنصارها وجماهيرها والمتعاطفين معها، بحيث لو قامت إيران أو أية دولة محتلّة باحتلال العاصمة أربيل فإنّ هؤلاء الجماهير وأنصار البكك وأذيالها ستعمّهم الغبطة والفرح والسرور ويصفّقون لها وكأنهم هزموا عدوّهم! نعم إلى هذا المستوى ملأتهم حقداً وكراهية، فقبل يومين من 31 تموز صادف ذكرى سنوية أنفلة البارزانيين “حملات الأنفال” حينما قام نظام البعث البائد الحاكم في الدولة العراقية قبل أربعين عاماً، باعتقال 8000 ثمانية آلاف من اليافعين والشباب والرجال البالغين وكبار السنّ والشيوخ من البارزانيين، تتراوح أعمارهم بين تسع سنوات وتسعين سنة، وتمت إبادتهم بطريقة وحشية في صحارى جنوب العراق، فلم نر أي رئيس مشترك لأي جناح من أجنحة البكك المختلفة كالشعوب الديمقراطي أو غيره أو أي وكلاء عنهم أو أية مؤسّسة حزبية تابعة للبكك أدلت ببيان أو تصريح أو إدانة أو استنكار أو أية مواقف إطلاقاً! بل على العكس تماماً، أبدت البكك مواقف العداء والمحاربة تجاه البارزانيين بالتزامن مع هذه الفاجعة الأليمة…)
عام 2019، حاولت البكك ولنفس الهدف والغاية، حشد أنصارها وجماهيرها بجلبهم من أوروبا صوب العاصمة أربيل في محاولة منها لخلق الفوضى والاضطرابات، ومن المرجّح أن تكرّر نفس السيناريو الشهر الحالي (آب 2023) والشروع بحملة عدائية معتدية أخرى أعنف من حملة عام 2019 وأبشع منها بكثير، فالبكك تحاول إشعال فتيل فتنة اقتتال داخلي وجرّ بيشمركة كوردستان في أتون حرب داخلية لا تبقي ولا تذر، ولهذا تحاول تهيئة أرضية مناسبة لهذه الحرب الضروس!
وممّا لا شكّ فيه أن البكك لو استطاعت تحقيق هذا الهدف وإشعال فتيل حرب داخلية فإنّها ستتلقّى المساعدات والدعم من أطراف داخلية على علاوة على الدعم الخارجي من الجبهة المعادية المناوئة للكورد، ومن المرجّح أنها ستخطو هذه الخطوة عندما يعتدل الأجواء، ويحتمل أن تنظّم بعض الأنشطة كالمسيرات والإضرابات والاحتجاجات في محافظة السليمانية في أيلول المقبل، وأن تجري هناك بعض الفعاليات والأنشطة، لتتحوّل بعدها لمواجهات واشتباكات.. باختصار، شمّرت البكك عن سواعدها للمعارك والحروب، وأنها بصدد مهاجمة إقليم كوردستان من عدّة جوانب، وهي قد أخذت وعوداً ومواثيق من الأعداء بهذا الصدد.
هدف البكك يتمثّل في إضعاف إقليم كوردستان أمام المحتلين
كذلك تحاول إيران والعراق رفع وتيرة ضغوطاتها على إقليم كوردستان، ويرجّح أن تقوم الدولة الإيرانية ببعض الأنشطة والعمليات المستهدفة لأربيل تحت غطاء تواجد الأحزاب الكوردية المعارضة للنظام الإيراني، الخريف المقبل، علماً أنه توجد هناك علاقات وارتباطات مباشرة بين الدولة الإيرانية والبكك لتأزيم وضع المنطقة وخلق الاضطرابات وزعزعة الأمن والاستقرار، والحال أنه توجد هناك أزمات خانقة فعلاً كقضية الموازنة واتّفاق شنگال وانتخابات مجلس النواب العراقي… والحقّ أن وظيفة البكك ومهامها انحصرت في إبقاء كيان إقليم كوردستان في هالة من الفوضى والاضطرابات…
فجميل بايك لم يستح ولم بخجل يوماً من شيبته ويتجنّب إطلاق أكاذيب وافتراءات كهذه! فأكاذيب البكك وافتراءاتها مؤشّر خطير على هول المؤامرة وشدّتها.
فمخطّط البكك هو: محاولة القضاء على البقعة الوحيدة المحرّرة من كوردستان، تلك البقعة التي استطاعت القضاء على معاهدة لوزان وإلغائها، لهذا تشتدّ عداوة البكك لكيان هذا الجزء من كوردستان، بلغت هذه العداوة لمرحلة أن البكك تحاول بناء وجودها على فناء هذا الجزء من كوردستان وزواله، أصبح إقليم كوردستان كمرآة للبكك، تعكس حقيقة هذه التنظيمات، فكلما نظرت البكك في مرآة إقليم كوردستان وجدت أنها لم تحقّق شيئاً خلال مقاومة زائفة طيلة 40 عاماً، لا ترى فيها سوى هزائمها وانتكاساتها وفشلها الذريع طيلة أربعة عقود، عندما تنظر البكك إلى إقليم كوردستان لا ترى سوى خياناتها وعمالتها لأربعة عقود… لهذا لا تدّخر البكك جهداً للقضاء على هذه المرآة وكسرها لئلا تعكس لها حقيقتها…
ألا يخجل جميل بايك من نفسه عندما يقول بأن بيشمركة كوردستان يلبسون لباس الجنود الأتراك؟! فكما يُقال بأن السارق يظنّ الكلّ سرّاقاً، فكذلك جميل بايك، فهو وحزبه ومرتزقته لبسوا زيّ ميليشيات الحشد الشعبي في شنگال وألبسوه بشباب الكورد، وجعلوهم يرفعون العلم العراقي على أكتافهم، ونصبوهم في خانة العداء لإقليم كوردستان، ولم يدّخروا جهداً لغاية اليوم في فصل شنگال عن إقليم كوردستان وإلحاقها بالدولة العراقية التي لم تعترف لغاية اليوم بالإبادة الجماعية التي ارتكبت بحقّ الشعب الإيزيدي في شنگال.
فجميل بايك يقول بأن عائلة البارزاني على علاقة بالدولة التركية، علماً أن مسرور بارزاني عندما يزور تركيا فهو يركب طائرة خاصة ويجتمع بكبار القادة الأتراك أمام مرأى عدسات الكاميرات، بينما جميل بايك لا يتحرّك قيد أنملة إلا بإملاءات وإيعازات من المخابرات الإيرانية (اطّلاعات) وأن الدولة الإيرانية قد هيّأت له السكن بل حتى وسيلة نقله وسيارته الخاصة جهّزتها له المخابرات الإيرانية، ألا يخجل بايك من حاله هذه؟! بَلا، فخجله هو ما يدفعه إلى إطلاق هذه الأكاذيب والافتراءات، وجهله بالسياسة يدفعه إلى وصف العلاقات الدبلوماسية بالخيانة والعمالة!