خلال برنامج على قناة (Stêrk TV) البككية في أوروبا أدلى عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكوردستاني بكك، وقائد القيادة المركزية لمركز الدفاع الشعبي (NPG) مراد قره يلان، ببيان، قيّم فيه الحرب بشكل خاص، وقال: “سنهاجم قوات البيشمركة” وحاول جاهداً تبرير وشرعنة هذه التهديدات.
قره يلان: أنا أوجّه هذه الدعوة للمرة الأخيرة… إذا بدأت الحرب فستكون حرباً طويلة الأمد!
خلال اللقاء، قال قره يلان في العديد من النقاط بأنهم سيهاجمون قوات بيشمركة كوردستان، وقال: “إذا اندلعت حرب بين الگريلا والبيشمركة وانتشرت فلن تنتهي هذه الحرب لسنوات” يبدو أن البكك قرّرت شنّ حرب شاملة، وأنها لن تكون هجمات موضعية كعام 2021، بل ستكون هجمات مستمرة وحرباً شاملة، مؤكّداً أن هذا هو نداءهم الأخير!
وزعم قره يلان أنهم أي البيشمركة “يغلقون كلّ الطرق!” وبرّر بأن هذا سيكون سبباً للحرب، وواصل قره يلان حديثه زاعماً أن هناك “مقاومة كبيرة تجري في زاب والدولة التركية عالقة فيها وأن الديمقراطي الكردستاني يساعدها!”.
لكنّ الحقيقة هي أن كلام قره يلان هذا لا علاقة له بالوضع الحقيقي في ساحة المعركة، فقوات الدفاع الشعبي التي يديرها قره يلان تركت عموم المناطق التي كانت تحت سيطرتها منذ الثمانينيات والتسعينات منطقة تلو الأخرى للجيش التركي، ولم تعد هناك حرب على حدود باكور كوردستان-كوردستان تركيا وكذلك إقليم كوردستان، بل هناك حرب تدور رحاها اليوم على مشارف مدن ئاميديي-العمادية وديرلوك وشيلادزي وئاكري-عقرة ودهوك، أما منطقة الزاب والجبال العالية المحيطة بها فواقعة فعلياً تحت سيطرة الأتراك المحتلّين، وجلبت البكك حربها هذه إلى أطراف مدن إقليم كوردستان، ويستشهد القرويون بشكل يومي، وتُحرق بساتينهم ومزارعهم… ولا تريد البكك أن يتدخّل أحد في هذا الأمر!
مراد قره يلان يصف نفسه بملاك بلا أجنحة
ظلّت البكك تردّد منذ فترة طويلة مزاعم كـ “البيشمركة يهاجموننا بملابس الجنود الأتراك” لكنهم لم يوثّقوا هذه الأكاذيب بأي دليل ولو بسيط حتى الآن، ويطالب العديد من الأطراف الكوردستانية إثبات هذه الأكاذيب، وتقول إنه لو حدث مثل هذا بالفعل، لكان عموم شعب كوردستان قد علم به، لكنّ قره يلان أصرّ: “هناك أشياء لا نريد أن نقولها الآن لدينا الوثائق لكنّنا لا ننشرها”!.
لكنّ البكك ومن خلال مأجورين على وسائل التواصل الاجتماعي صوّرت البيشمركة وكأنهم جنود أتراك، بل حتى سنوات قليلة مضت، وصل الاستهتار بقره يلان أن يقول: “البيشمركة سرقت حميرنا وبغالنا!” لذلك، لو كانت لديه أية وثيقة، لكان قد نشرها منذ أعوام…
يصوّر قره يلان نفسه من خلال تصريحه كالمغدور، وذلك من أجل تبرير وشرعنة عدوانهم واعتدائهم على بيشمركة كوردستان، ورغم محاولات قره يلان الحثيثة لإظهار نفسه كملاك بلا أجنحة إلا أن خطط البكك ومؤامرتها في طعن إقليم كوردستان من الخلف واضحة وضوح الشمس رابعة النهار.
طابع-ختم الخيانة على وجه قره يلان وأتباعه
لو كان قره يلان وطنياً حقاً، فلماذا جعل من شبيبة الكورد عساكر في صفوف جيوش أعداء الكورد “الحشد الشعبي”؟!
ولماذا تحالف مع الأطراف العربية المناهضة المعادية لكوردستان في العراق؟
ولدى مهاجمة الجيش العراقي على كركوك، قال: “لن ننحاز لأيّ طرف!” وبعدها تواطأ وتعاون مع الدولة العراقية؟
ولماذا عندما طلب منهم البيشمركة مغادرة تلال ئاميديي وقمم كيسته وأماكن أخرى حتّى لا تقع تحت سيطرة الأتراك المحتلّين… عدّو ذلك سبباً لاندلاع الحرب!
ولماذا تصرّ البكك وتهلك كيانها من أجل ربط شنگال ببغداد، وفصلها عن كوردستان؟!!
فقادة البكك وخاصة قره يلان رغم خياناتهم يريدون أن ينظر إليهم الشعب الكوردي كملائكة! لكنّ جبهة قره يلان وأتباعه مختومة بطابع-ختم الخيانة.
قره يلان: يعلمون أننا لن نهاجم!
خلال حديثه قال قره يلان: «إنهم يعلمون أننا لا ننضمّ إليهم، لذلك يغلقون كل الطرق” والواقع أن البكك ومنذ عام 2019 وفور تأسيسها “قوة حماية الجنوب” قد أعلنت الحرب على إقليم كوردستان، ولغاية عام 2020، استشهد 13 من البيشمركة، وأصيب العشرات منهم، وتمّ تفخيخ طرق البيشمركة وزرعها بالألغام في كثير من الأحيان، واغتيل اثنان من قدامي البيشمركة هما غازي صالح آليخان ومحمد ميرزا صوفي، استهدفوا مخيّمات الكورد الإيزيديين بالتفجيرات، أثاروا الفوضى والاضطرابات، تمّ اختطاف القرويين وباتوا مجهولي المصير، وعلى الرغم من كل هذه الأعمال والممارسات العدائية… فسبب عدم اندلاع أية حرب أو مواجهات يعود لمواقف الزعيم الكوردي مسعود بارزاني وتقاربه الحساس وشعوره بالمسؤولية الوطنية تجاه هذا الموضوع.
في الجانب الآخر نرى البكك على أتمّ الاستعداد لمهاجمة مكتسبات إقليم كوردستان.
أين تمّ اتّخاذ قرار مهاجمة بيشمركة كوردستان؟
صدر قرار البكك بمهاجمة قوات البيشمركة في فصل الشتاء، كانت حسابات البكك مبنية على أساس خسارة أردوغان في الانتخابات، ولو حصل ذلك لكانت البكك قد أدامت هدنتها الأحادية الجانب لوقف إطلاق النار الذي أعلنته شباط/ فبراير الماضي، ولكانت قد شرعت في شنّ حربٍ عسكرية ضدّ إقليم كوردستان، لكنّ الرياح لم تجري بما اشتهته البكك، لذلك قرّرت تأجيل الحرب لغاية الخريف.
حاولت البكك تهيئة الأرضية للهجوم على البيشمركة خلال شهر تموز بأكمله، فيا تُرى هل كان هذا قرار البكك؟
إن سياسة حصار واحتلال وتدمير إقليم كوردستان، إن أمكن، هي مخطّط الدول الاستعمارية في المنطقة، وقد تمّ اتّخاذ خطوات كثيرة في هذا الاتجاه العام الماضي، وما مخطّط البكك وحربها ضدّ إقليم كوردستان عنها ببعيد.
فعلى مرّ تأريخها، لم تبدأ البكك بأي تحرّك دون تلقي إشارة من طرف مظلم، كما كانت هجمات البكك على إقليم كوردستان في تسعينيات القرن المنصرم جزءًا من هذه الخطة، وهذا ما يذكّرنا بوضوح بـ “القفزة الثانية لـ 15 آب/ أغسطس”.
هل ترغب البكك في تكرار القفزة الثانية لـ 15 آب لعام 1995؟
رغم امتلاك إقليم كوردستان لبرلمانٍ خاصٍ به عام 1995، إلا أنه لم يكن يتمتع بعد بواقع رسمي، كان قد تم الإعلان عن أراضي إقليم كوردستان كمنطقة حظر طيران فقط، وكان الإقليم يعاني مشاكل بسبب الدمار الذي خلفته الحرب والوضع الاقتصادي المنهار، فمن ناحية إيران وفي الجهة الأخرى العراق وتركيا كانوا يمارسون ضغوطاً كبيرة على إقليم كوردستان، كانت سلطات الإقليم تكافح من أجل البقاء واقفة على قدميها، ولم تهاجم أية قوة إقليمية بشكل مباشر وباسمها، وتمّ بذل العديد من المحاولات لتأليب الكورد ضدّ بعضهم البعض.
خلال هذه الفترة، كلّف المستعمرون البكك مهمة مهاجمة كوردستان
يالتشين-يالجين كوجوك لم يغادر ظلّ أوجلان في دمشق، من جانبها وعدت إيران بتقديم مساعدات لوجستية للبكك، على إثرها قام أوجلان بتنظيم الشباب الكورد الذين انضموا لرفوف حزبه من أجل كوردستان حرّة ومستقلة، تحت اسم لواء بروسك، وهاجموا سواتر وجبهات البيشمركة في 26 آب 1995. بدأت عملية جديدة في زاب، وهاجمت الگريلا الذين كانوا تحت إمرة علي حيدر قيتان (فؤاد ديرسم) إقليم كردستان.
هناك تشابه كبير بين الأوضاع تلك والوضع اليوم، وسيتمّ تهويش البكك لهجوم جديد ضدّ إقليم كوردستان.
ومن الآن فصاعداً ستتعظّم هذه العملية، ورغم أن قوات البيشمركة تحاول تجنّب هذه العملية بكل طاقتها وقوتها، إلا أن البكك لن تتخلّى عن قرار الحرب باعتبارها المسؤولة عنه، لذا ينبغي على الشعب الكوردي أن يتّخذ موقفاً صارماً تجاه قرار الحرب هذا للبكك.
وبادئ ذي بدء، ينبغي على أهالي ئاميديي وديرلوك وشيلادزي أن يقولوا للبكك “كفى” فالبكك أصبحت أساساً لدمار متواصل للكورد وكوردستان وبداية نهايتهم.