في ليلة 22 كانون الثاني، نُشر خبر على الموقع الإعلامي “شار برس-SHARPRESS” تحت عنوان “قوات زيرفاني تتحرّك لمهاجمة حزب العمال الكوردستاني” لتقوم بعدها بعض وسائل التواصل الاجتماعي فوراً بالدعاية ونشر الخبر على أوسع نطاق.
من الواضح جدّاً أن هذا الخبر المفبرك اختلقه مركز معادٍ، نظراً لتوقيت الخبر الحساس والملفت للانتباه، حيث لم تمر أيام على الهجوم الإرهابي الظالم للدولة الإيرانية على عاصمة إقليم كوردستان/ أربيل، ومن غير الواضح إلى متى ستستمرّ إيران على موقفها العدواني الجائر على أربيل، ورغم العزاء والحزن والأسى الذي خيّم على كوردستان، اجتاحت تظاهرات شعبية عارمة كافة مدن وبلدات كوردستان تنديداً بالهجمات العدوانية الظالمة والجبانة، وانتقلت المقاومة الشعبية إلى الشوارع ومراكز المدن، في أربيل ودهوك وزاخو وسوران وئاكري-عقرة وبردرش… خرجت الجماهير الغاضبة إلى الشوارع متّسماً بروح الوحدة والتضامن العظيمين، وبينما كان الشعب الكوردي يتطلّع إلى تظاهرات عارمة ومواقف مماثلة من المناطق الخاضعة لنفوذ وسلطات الزون الأخضر-مناطق نفوذ الاتّحاد الوطني الكوردستاني- وبالأخص محافظة السليمانية والمدن الأخرى، ضدّ هذه السياسة المناهضة المعادية للكورد التي تمارسها الدولة الإيرانية، للأسف، وعلى عكس آمال الكورد وتطلّعاتهم وتوقّعاتهم، نُشر خبرٌ مفترٍ في قلب مدينة السليمانية مفاده أن قوات زيرفاني الكوردستانية بصدد مهاجمة حزب العمال الكوردستاني بكك!
قوات زيرفاني أبدت موقفاً واضحاً ضدّ هذه الفوضى الخلاقة
قوات زيرفاني-حرس الحدود الكوردستاني- هي مؤسّسة لا تصدر أية بيانات إن لم تكن متعلقة بالقضايا العسكرية، ولكنّها لمّا أحسّت بوجود مؤامرة قذرة تستهدف استقرار كوردستان أدلت قيادة زيرفاني ببيان أعلنت بشكل صريح لا لبس فيه “نشرت اليوم الاثنين 22 يناير 2024، بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خبراً ملفّقاً وغير صحيحٍ، يزعم بأن القوات الخاضعة لقيادتنا أمرت بمواجهة مقاتلي حزب العمال الكوردستاني. لذلك، نعلن للرأي العام بأن هذا الخبر عار عن الصحة وغير صحيح، ونرفض ما جاء فيه”.
وتابعت قيادة زيرفاني في بيانها: “نحن في قيادة بيشمركة زيرفاني، نعتقد أن نشر مثل هذه الأخبار في هذا التوقيت بالتحديد، هو امتداد للحملة المُضلِّلة التي بدأها الأعداء بعد استهداف مدينة أربيل بالصواريخ” وبهذا التصريح وضعت قيادة زيرفاني يدها على موضع الجرح وبيت القصيد والنقطة الأهم.
من يمتلك مصدر الخبر الكاذب (شار برس-SHARPRESS)؟
الموقع الذي نشر هذه الكذبة المفترية هو (شار برس-SHARPRESS) المملوك لشخص يُدعى كمال رؤوف، كمال رؤوف عمل في السابق مع نوشيروان مصطفى، لكنه ترك حركة گوران-حركة التغيير في وقت لاحق وأقام علاقات وطيدة مع الاتّحاد الوطني الكوردستاني، وما زال هذا الشخص من المقرّبين من بافل طالباني ويتمّ تمويله من قبل الاتحاد الوطني الكوردستاني، تتم إدارة هذا الموقع بشكل مباشر من قبل قوات مكافحة الإرهاب التابعة للاتّحاد الوطني وصنّاع القرار في الاتّحاد، هناك قياديان بارزان مهمّان في الاتّحاد الوطني يمتلكان تأثيراً عميقاً ومباشراً على (شار برس-SHARPRESS) أحدهما هو قائد قوات مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني المدعو (وهاب حلبجيي) والآخر هو ئاريز عبد الله، ئاريز عبد الله رغم كونه اسماً غير معروف لكنّه الصندوق الأسود للاتّحاد الوطني الكوردستاني وصديق قديم لجميل بايك، كما هو صانع العلاقات بين الاتّحاد الوطني وحزب العمال الكوردستاني بكك والموجّه لها، لذلك فمصدر الخبر المفبرك هم أشخاص غير عاديين، أي أن الخبر تمّت صناعته ونشره عمداً وبتنسيق مشترك بين الاتّحاد الوطني وحزب العمال الكوردستاني بكك، وهذا كلّه وفق مؤامرة قذرة لخلق الفوضى وجرّ الإقليم إلى دوامة اضطرابات لا نهاية لها.
الخبر المفبرك الكاذب نتاج عقلية مشتركة بين البكك والاتحاد الوطني
هذا وإن كان الموقع وروّاده وأقلامه صانعي هذا الخبر يحملون هوية الاتّحاد الوطني، إلّا أن بصمات حزب العمال الكوردستاني بكك واضحة عليها، حيث قام المركز الإعلامي لحزب العمال الكوردستاني بكك بترجمة الخبر إلى اللغة التركية على وجه السرعة ونشره على جميع وسائل الإعلام التابعة له باسم “الأخبار العاجلة” بمعنى آخر، تمّت صناعة الخبر لتحقيق مصلحة مشتركة للاتّحاد الوطني والعمال الكوردستاني بكك، والمثير للاهتمام أن وسائل الإعلام التابعة للاتّحاد الوطني والبكك أرادت إبعاد الرأي العام الكوردي عن الهجمات الإيرانية الجبانة والظالمة على عاصمة إقليم كوردستان من وراء إشغاله بهذا الخبر المفبرك والملفّق والمصنوع على طاولة ماكيناتها الإعلامية الدعائية، من أجل إضفاء الشرعية على الهجوم الإيراني الظالم وتبرير هذه الهجمات الإرهابية على العاصمة أربيل، تزامن معه نشر وسائل الإعلام الإيرانية صوراً مفبركة معدلة بالفوتوشوب للشهيد بشراو دزيي.
الهجوم الإيراني على أربيل حقّق مبتغى الاتّحاد الوطني والبكك لكنهما لم يتمكّنا من تحقيق هدفهم بسبب ردود الأفعال الغاضبة للشعب الكوردي
على سبيل المثال، أدانت الحكومة العراقية الهجوم الإيراني في نفس اليوم، ولكن للأسف الشديد، أصدر الاتّحاد الوطني بياناً في اليوم التالي للهجوم وأدانه، بينما حزب العمال الكوردستاني بكك أصدر بياناً بعد مرور خمسة أيام على ارتكاب هذه الجريمة، ولكن عوض إدانة الدولة الإيرانية والتنديد باعتدائها الجبان والظالم على عاصمة الإقليم اتّهم البيان الحزب الديمقراطي الكوردستاني (PDK)، بعدها، نشرت قيادات ووسائل إعلام الطرفين هذا الخبر المفبرك والكاذب لتبرير الهجمات الإيرانية على أربيل، فعلى سبيل المثال، صرح فريد أسسرد، سكرتير مجلس قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني لإذاعة صوت أمريكا أن إيران لا تستهدف موقعاً من دون سبب! وأكّد أن هناك احتمالاً كبيراً أن إيران تلقّت معلومات استخباراتية خاطئة وبالتالي قصفت هذا الموقع! بمعنى أن هذا المسؤول البارز في الاتّحاد الوطني وثّق اتّهامات إيران وحاول تبرير وشرعنة هجماتها على أربيل!
من ناحية أخرى، لم تتخل وسائل الإعلام التابعة للبكك عن عدائها اللدود لإقليم كوردستان، ودون ذكر إيران، قامت بصناعة الأخبار التي تستهدف شخص رئيس وزراء إقليم كوردستان مسرور بارزاني.
لكن الخطة لم تنجح كما أرادوا، ولم تجر الرياح بما اشتهته سفنهم، فالمجزرة الإيرانية بحقّ المدنيين في أربيل أثارت ردود أفعال غاضبة وشديدة وعنيفة لدى الكورد، فأدان الشعب الكوردي هذا الهجوم الإيراني الإرهابي وندّد به بل وعدّه بمثابة اعتداء على الأمة الكوردية وإرادتها، واتّخذ موقفاً صارماً ضدّه، بينما قوبل الموقف المخزي لقيادة الاتّحاد الوطني الكردستاني بردود أفعال من قبل الشعب الكوردي، فاضطر إلى غضّ الطرف عن قرار التظاهرات في السليمانية وحلبجة، وبحسب مصادر محلية مطّلعة، فإن قياديين أمثال ئاريز عبد الله وقفوا ضدّ قرار تنظيم التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في السليمانية، لكن قرار الشعب وموقفه لم يسمح لذيول إيران وجحوشها أمثال هؤلاء من الصمود أمام إرادة الشعب الكوردي.
قبل يوم من التظاهرات العارمة في السليمانية، نشرت صحيفة (شار برس-SHARPRESS) هذا الخبر الفوضوي
فيا تُرى ما الهدف منه؟
في الواقع، يبدو جلياً أن هناك هدفاً فوضوياً من وراء هذا الخبر المفبرك في هذا التوقيت بالتحديد، وهو تغيير الأجندة وتشتيت شعور الوحدة بين الشعب، نعم، فهم يريدون إضعاف وحدة الشعب من خلال الانقسامات السياسية، وتشتيت وتفكيك الردّ الفعل القوي للشعب ضدّ إيران، حيث أجمع الشعب الكوردي وعلى وجه الخصوص في إقليم كوردستان أن الهجوم الإيراني كان بمثابة عدوان على الأمة الكوردية وإرادتها، وأن الدولة التي شنّت الهجوم الإرهابي الذي استشهد خلاله الطفلة الرضيعة (ژينا) البالغة من العمر 11 شهراً لن تثني عن اعتداءاتها وهجماتها على المدنيين الكورد الأبرياء، فكان موقف الشعب الكوردي أن؛ أربيل هي وطننا وقبلتنا وعاصمتنا ولن تستطيعوا كسر إرادتنا! أدى هذا الجو القومي والوطني الكوردي المخلص إلى تثبيط عزيمة جميع أعداء الكورد والقضاء على أحلامهم…
هناك طرف في كوردستان ينشط ويتحرّك وفق المصالح الإيرانية المعادية للكورد، هذه القوة ترعاها إيران وتموّلها ضمن تحالف (الاتّحاد الوطني الكوردستاني-حزب العمال الكوردستاني بكك-الحشد الشعبي) أدّى الوضع القائم إلى تعقيد خطط الربيع لهذه الكيانات الإيرانية، كان هدف هذه القوات رفع وتيرة هجماتها على كوردستان مع حلول فصل الربيع، لكن الموقف الموحّد للشعب الكوردي خلق شكوكاً وتردّداً وارتياباً في موقف الأعداء ومخيلتهم.
منذ فترة طويلة، باتت محافظة السليمانية مركزا مشتركاً ووكراً لتحالفات هذه الكيانات والقوى الإيرانية، تُدار هناك العديد من الأنشطة والفعاليات مثل تظاهرات المعلمين، الهجمات على أربيل، وإضعاف مؤسّسات حكومة إقليم كوردستان، والاحتيال الإعلامي، وما إلى ذلك… بمعنى آخر، سيفرض العراق حصاراً اقتصادياً خانقاً على أربيل، وسيهاجم الحشد الشعبي بالمسيّرات، وسينقل حزب العمال الكوردستاني بكك الحرب لعمق وقلب مدن إقليم كوردستان بحجة محاربة وقتال الأتراك المحتلّين، بينما الاتّحاد الوطني سيخلق العوائق والعراقيل والمشاكل داخل حكومة إقليم كوردستان، وقد أقام من جانبه علاقات قوية مع العراق، وستزداد الهجمات العسكرية ضدّ أربيل بحلول الربيع المقبل، من جانبه يستعد حزب العمال الكوردستاني بكك لمهاجمة قوات البيشمركة الكوردستانية في گاره-برادوست لكن الوضع القائم لن يسمح للبكك بمهاجمة ومحاربة إقليم كوردستان، لذلك يحاول الطرف المسيطر والمؤثّر على زعامة الاتّحاد الوطني وداخل حزب العمال الكوردستاني بكك تشتيت هذا الجو المتّسم بالوحدة والتضامن والتعاضد بين الكورد والقضاء عليه، ورفع وتيرة المعارك والقتال على أراضي إقليم كوردستان في شهر آذار/ مارس المقبل.
بعد بيان قيادة قوات زيرفاني الكوردستانية، ونفيها هذا الخبر الكاذب والمضلّل، اضطرت (شار برس-SHARPRESS) إلى حذف الخبر على موقعها، لكن الوضع ليس بالسهل الذي يمكن تجاهله بسهولة، يجب ألا ننسى أن الذئاب تحب الأجواء الضبابية، لذا ينبغي علينا الحذر واليقظة، إذ ستستمرّ الفوضى والاضطرابات التي تخلقها الجماعات الولائية لإيران والتي ترعاها وتموّلها إيران كميليشيات الحشد الشعبي وحزب العمال الكوردستاني بكك والاتّحاد الوطني الكوردستاني.