مرت سنوات طويلة منذ دخول الحرب المسلّحة لحزب العمال الكوردستاني بكك إلى أراضي إقليم كوردستان، تدير البكك هذه الحرب بالأكاذيب والشعارات الخدّاعة، النتيجة كانت مقاومة فارغة لا معنى لها ولم تجلب للكورد سوى الويلات والمآسي والقصف والدمار وتهجير مئات القرى الحدودية وتجريدها من مظاهر الحياة، فباتت المعارك والاشتباكات على أبواب القرى ومشارف البلدات والمدن الكبرى، فضلاً عن فقدان القمم الاستراتيجية، وتحويلها لنقمة على إقليم كوردستان، باختصار، بمرور الوقت تتصاعد تكلفة الحرب وفاتورة الخسائر على إقليم كوردستان.
رفع وتيرة المقاومة بمعنى تقديم المزيد من الأراضي للمحتلّ…
منذ بداية شتاء هذا العام، أعطت البكك وبشكل ممنهج المبرّرات للدولة التركية بمهاجمة إقليم كوردستان، فمنذ شتاء عام 2019، يتمركز جيش الاحتلال التركي على عشرات القمم والمناطق الاستراتيجية في إقليم كوردستان بسبب سياسات البكك هذه، كما تعهّدت البكك عام 2024 بتسليم المزيد من المناطق والأراضي للدولة التركية، وما قامت به من عمليات وأنشطة مؤخّراً تندرج في هذا الإطار، باختصار، ما حدث هو أن (الدولة ضحّت ببعض جنودها من أجل تبرير إطلاق عمليات أوسع في الإقليم).
في يوم الجمعة 12 كانون الثاني 2024، قتلت البكك تسعة جنود أتراك في آميديي، ومنذ ذلك الحين قامت البكك بحملة دعائية لهذا الهجوم وكأنها حرّرت باكور كوردستان-كوردستان تركيا، علماً أن هذا السيناريو يتكرّر كلّ عام، أي (تهيئة الأرضية لإطلاق عمليات عسكرية تركية جديدة على أراضي إقليم كوردستان بذريعة مقتل عدد من الجنود الأتراك).
عشرات المناطق الأخرى ستتحوّل إلى مناطق عسكرية
وهذا ما حدث بالفعل، في وقت متأخر من ليلة السبت 2024/1/12، دعا أردوغان إلى اجتماع طارئ لبحث الآلية المناسبة للردّ على البكك في روجآفا وإقليم كوردستان، ولم ينته الاجتماع بعد عندما أمطرت المقاتلات الحربية التركية متينا وخواكورك وقنديل في إقليم كوردستان، وديرك وتربه سبيي في روجآفا كوردستان بمئات القنابل، ومن المرجّح أن يتم إخلاء عشرات القرى الأخرى في إقليم كوردستان، نتيجة الهجوم والقصف الشديدين هذا الشتاء.
في الأيام المقبلة، ستصعّد الدولة التركية من وتيرة هجماتها على إقليم كوردستان، وستبدأ مرحلة جديدة في المنطقة كما ستحتلّ مناطق جديدة بفضل البكك، والبكك من جانبها ستثير قضية مقتل جنديين أو ثلاثة جنود أتراك كانتصار لها على الغزاة المحتلين، وخداع للشعب الكوردي بها…
بينما في روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا، فمنذ تشرين الأول عام 2023، تمّ تدمير ما لا يقل عن 90 مؤسّسة وبنية تحتية اقتصادية وخدمية نتيجة الهجمات التركية، بمعنى آخر، أن البكك كما دمّرت باكور كوردستان-كوردستان تركيا بسياستها هذه في حرب الخنادق، فكذلك تريد تدمير روجآفا وإقليم كوردستان وتحويلهما لحطام…
ما الذي حقّقه الكفاح المسلّح طيلة 40 عاماً للكورد؟
مرّ ما يقرب من أربعين عاماً على الكفاح المسلّح الذي بدأته البكك ضدّ الجيش التركي في الخامس عشر من أغسطس/ آب 1984، ينبغي على الكورد أن يتساءلوا: ما هي مكاسب ومنجزات هذه الأربعين عاماً من المعارك والحروب؟! إلى أين أوصلت القضية الكوردية؟ كيف كان باكور (كوردستان تركيا) وباشور-أي إقليم كوردستان وروجآفا اي كوردستان سوريا وروجهلات كوردستان أي كوردستان إيران قبل الحرب المسلّحة وكيف هي الآن؟! باختصار، ما الذي قدمته البكك للكورد طوال هذه السنوات الأربعين؟ الجواب غاية في الوضوح: تمّ تدمير باكور كوردستان وإهدائه للأتراك، بينما يتوغّل الجيش التركي بشكل تدريجي ممنهج في عمق أراضي إقليم كوردستان، أمّا روجآفا كوردستان فهو على وشك أن يصبح ولاية عثمانية بشكل تام على غرار باكور كوردستان، في حين تحارب البكك وكالة عن إيران جميع الحركات التحرّرية الكوردستانية للقضاء عليها وقمعها والتنكيل بها…
فالبكك التي كانت محطّة كفاحها الحقيقية هي باكور كوردستان، تركت باكور وتخلّت عنه منذ عقود في حين تدير حرباً مزيّفة وهمية على أراضي إقليم كوردستان لضرب الإقليم وتدميره، فالبكك التي أصبحت اليوم جزءاً من ميليشيات الحشد الشعبي وذيلاً لإيران وأداة بيد المخابرات التركية والاطلاعات الإيرانية، ينبغي النظر إليها خارج أطر القضية الكوردية، فقد اثبت الكفاح المسلّح لأربعين سنة مضت أن الحزب المسمّى بـ (حزب العمال الكوردستاني بكك) يعادي الكورد وكوردستان باسم الكورد، وأنه لم يحقّق أية إنجازات ومكاسب للكورد على الإطلاق.