خلال الأيام الخمسة الماضية، زار قادة ميليشيات الحشد الشعبي العراقي، محافظة كركوك، قيادياً تلو الآخر، من بين هذه الزيارات زيارة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ورئيس تيار الحكمة العراقي عمار الحكيم، بينما تقول العديد من المصادر إن زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، الإرهابي قيس الخزعلي قدم أيضاً إلى كركوك سرّاً، وعقد عدداً من الاجتماعات هناك.
فبعد سقوط النظام السوري وانهياره وهروب الأسد، أصبح الوضع في الجارة العراقية بالغ التعقيد والاضطراب، فالدولة العراقية دائماً ما كانت على رأس القائمة في قضية التأثيرات السورية، وهذا ما جعل الوضع داخل العراق معقداً للغاية كونها تتأثّر بالدرجة الأولى بالوضع في سوريا. وعلى رأسها الجماعات الشيعية العراقية، والتي كانت في سجال كلامي وصراع عسكري مع إسرائيل، فقد جعلت هذه الميليشيات من الوضع المتوتّر بحدّ ذاته أكثر توتراً وفوضوية، وسط مخاوف من ردّ إسرائيلي قوي، فالتحركات الأخيرة للحركات والميليشيات الشيعية وحلفائها في الآونة الأخيرة، وكذلك زياراتها واجتماعاتها في كركوك تأتي في إطار التخطيط للمرحلة الجديدة على مستوى الشرق الأوسط والداخل العراقي.
وتقول مصادر محلية مطّلعة، إن فالح الفياض عقد سلسلة اجتماعات سرية في كركوك. وهناك معلومات ايضاً حول لقاء جمع الفياض بـ قيس الخزعلي المتواجد بشكل سرّي في كركوك. ويقال إن الخزعلي وعائلته انتقلوا إلى محافظة السليمانية خوفاً من استهداف إسرائيلي بسبب تصريحاته القاسية والمعادية وتحريضه على محاربة إسرائيل واستهدافها، لذلك فهو موجود في السليمانية منذ ما يقرب من ستة أشهر وأنه متواجد معظم الوقت في كركوك. ولم يقتصر الأمر على الخزعلي فحسب، بل انتقل العديد من قادة ميليشيات الحشد الشعبي مع عوائلهم إلى السليمانية.
والقسم الآخر الذين التقى بهم فالح الفياض هم الجماعات التركمانية وبعض السنة الذين هم جزء من ميليشيات الحشد الشعبي.
عقد اجتماعات مع الاتّحاد الوطني الكوردستاني وحزب العمال الكوردستاني بكك
وأكّدت مصادر خاصة، أن رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، أجرى عدّة لقاءات واجتماعات سرية مع حزب العمال الكوردستاني بكك والاتّحاد الوطني الكوردستاني. منوّهة إلى أن الحشد الشعبي يريد أن يرى كلا القوتين في محور موحّد وجبهة واحدة، وخوفاً من أن يتبع الاتّحاد الوطني والعمال الكوردستاني مسارات سياسية مختلفة تجاه الأحداث.
وتقول المصادر التي تواصل معها موقع “داركا مازي” إن الأمين العام لميليشيات الحشد الشعبي، فالح الفياض، التقى بقادة الاتّحاد الوطني الكوردستاني واجتمع بهم، وكانت النقطة الأساسية لهذه اللقاءات والاجتماعات مع الاتّحاد الوطني تركّزت في “مطالبة الاتّحاد الوطني الكوردستاني بعرقلة عملية تشكيل الحكومة الجديدة لإقليم كوردستان وتأخيرها بحيث لا يتمّ تشكيل الحكومة الكوردستانية الجديدة” كما تمّت النقاشات حول حقول غاز كورمور وقضايا الطاقة.
بالإضافة إلى هذه القضايا، تمّت مناقشة كيفية إدارة تجارة النفط وغسيل الأموال بعد إساءة الوضع في سوريا، تلك القضايا التي تتمّ عن طريق إيران – السليمانية – كركوك – العراق، مع الاتّحاد الوطني.
لقاء الفياض بممثّل جميل بايك
كما التقى رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض بعضو اللجنة المركزية لحزب العمال الكوردستاني وعضو المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) بهزاد جارجل (الملقّب باسمه الحركي نديم سفن) والذي يمثّل جميل بايك والعضو في لجنة العلاقات الخارجية لمنظومة بكك.
وتقول المصادر إن رئيس هيئة الحشد الشعبي يريد اختبار المؤسّسات والتنظيمات المتحالفة معهم والمدعومة منهم لغاية اليوم، وأن لديهم بعض الشكوك حول الاتّحاد الوطني الكوردستاني وحزب العمال الكوردستاني. وبحسب المصادر فإن الحشد الشعبي غير راضٍ عن خطابات وتصريحات الإدارة الذاتية لـ بكك بروجآفا كوردستان ضدّ الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا في سوريا. كما طلب الاطلاع على التطورات في إمرالي وموقف حزب العمال الكوردستاني من العلاقات مع تركيا. جديرٌ بالذكر، طوّر حزب العمال الكوردستاني علاقاته العسكرية والسياسية مع الحشد الشعبي، فضلاً عن العلاقات الاقتصادية. وتوقفت الأعمال والممارسات، وخاصة في شنگال-سنجار، بسبب تغير النظام في سوريا بعد سقوط الأسد، بمعنى آخر، تعرّضت كافة النقاط المشتركة لتحالف الحشد الشعبي والعمال الكوردستاني. والآن يريد الحشد الشعبي من العمال الكوردستاني إيضاح موقفه بشكل لا غبار عليه.
وكشف فالح الفياض إنهم مستاؤون ممتعضون بشكل خاص من الوحدة بين الكورد في روجآفا كوردستان، والحلول الذي تقترحه الولايات المتّحدة وإسرائيل. وبحسب المصادر، كما أشارت إلى أن الحشد الشعبي أراد انسحاب حزب العمال الكوردستاني من بعض نقاط تمركزه في جبال شنگال-سنجار.
وتم الإعلان عن أن الاجتماعات السرية كانت مجرّد اجتماعات أولية، وأنه تقرّر اتّخاذ قرارات من خلال وفود رفيعة المستوى بشأن بعض القضايا المصيرية المشتركة.
مخاوف الحشد الشعبي وشيعة العراق…
كان لعملية (طوفان الأقصى) التي شنّتها حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول ضدّ إسرائيل، تأثير كبير على الدول والمؤسّسات والقوات شبه العسكرية ووكلاء إيران في الجبهة الشيعية، والتي تُطلق عليها إيران تسمية “جبهة أو محور المقاومة” بل كانت بمثابة طوفان وعاصفة تعصف بها، فقد خسرت إيران عموم الجغرافيا التي احتلّتها منذ عام 2011 بشكل تدريجي، كان انهيار نظام الأسد بمثابة ضربة قاصمة للظهر وقاتلة بالنسبة لإيران. واليوم، تتجه الأنظار صوب اليمن والعراق. وعلى وجه الخصوص العراق، حيث يشكّل بوابة استراتيجية لإيران ودرعاها الحامي، وفي الوقت نفسه، لأنها جارة لسوريا، ومن المتوقّع أن تكون على رأس قائمة الأهداف الاستراتيجية الهامة بالنسبة لإسرائيل والولايات المتّحدة. فهذه العاصفة المدمّرة التي ضربت سوريا جعلت الشيعة الولائيين لإيران يعيشون حالة خوف وهلع كبيرين وشديدين.