ابتعدوا عن التحزّب والتخندق الحزبي، وإلى أن تتّضح صورة الأوضاع في سوريا، مارسوا سياسة كوردايتية عريضة، مارسوا السياسة تحت المظلة الكوردستانية، عليكم نبذ التحزّب والخلافات الداخلية وتنحيتها جانباً وتجنّبوا كلّ شيء وامضوا قُدماً نحو مستقبل مشرق…
هذه هي الكلمات التي قالها الرئيس بارزاني في 28 كانون عام 2012، قبل 12 عاماً، والتي ما زالت تتجسّد الحق وحقيقة يومنا هذا كما تلك الأيام…
كانت حركة بارزاني السياسية ونضال روجآفا كوردستان خطّان منسجمان متوازيان داعمان لبعضهما البعض دائمًا. صان الرئيس مسعود بارزاني هذا النهج العريق لمسيرة البارزاني وحركته، آخذاً مصالح روجآفا كوردستان بنظر الاعتبار على الدوام، لذلك، احتضن شعب روجآفا كوردستان حركة البارزاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني والرئيس بارزاني إلى صدره دوماً، فحتى عام 1996، كان شعب روجآفا يستقبل الرئيس بارزاني في قامشلو على هذا المنوال…
مع بداية الربيع العربي في سوريا، أتاح الرئيس بارزاني كلّ إمكانياته وفرصه السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية في خدمة روجآفا كوردستان، ليس فقط لخدمة الحركات السياسية المقرّبة من البارتي، بل خلق فرصاً حتّى للحركات والأحزاب السياسية المقرّبة من العمال الكوردستاني بكك أيضاً، وباتت أربيل مركزاً دبلوماسياً وسياسياً لهذه القوى. وقال لهم بارزاني: “هنا منزلكم”.
قدّم بارزاني 3 نصائح ذهبية لروجآفا كوردستان: “تحقيق الوحدة، النضال من أجل الهوية الكوردية، والابتعاد عن نظام الأسد”.
وقال لهم: استغنوا عن الحكومات، تعالوا سأقدّم لكم ما تحتاجون إليه. سنرسم الحدود فقط لتجنّب أي مشاكل قانونية، وإذا حدث شيء ما فكوردستان لكم ومتى أتيتم فلستم ضيوفاً، بل أنتم أصحاب المنزل.
في عام 2012، واجه روجآفا كوردستان وحزب العمال الكوردستاني تحديات خطيرة، لذلك تقرّبوا من الحزب الديمقراطي الكوردستاني واستغلوا كلّ الفرص المتاحة، نعم، ضحّى العمال الكوردستاني بروجآفا كوردستان من أجل كسب الشرعية وتحقيق مصالح حزبية، ارتمى بنفسه في حضن النظام السوري وإيران وتعاون وتحالف معهما، أبعد كلّ المعارضين للنظام عن روجآفا وهجّرهم منها، جعل من روجآفا كوردستان منطلقاً لشنّ هجماته واعتداءاته على مكتسبات ومنجزات إقليم كوردستان، زرع بذور الفتنة والعداوة بين الشعب الكوردي، وبدلاً من توحيد روجآفا مع إقليم كوردستان استخدم روجآفا كوردستان كساحة معركة ضدّ بارزاني وإقليم كوردستان.
ورغم عداوتهم اللدودة والبغيضة واللامحدودة، لكن الزعيم بارزاني ظلّ داعماً لروجآفا، وخطى خطوات عظيمة من أجلها:
– في 11 تموز/ يوليو 2012، تمّ التوقيع على معاهدة-اتفاقية أربيل، لتوحيد الصف الكوردي والعمل المشترك.
– في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2014 تمّ التوقيع على معاهدة-اتفاقية دهوك.
– لو تمّ تنفيذ الاتفاقيتين-المعاهدتين (دهوك-أربيل) لكان الوضع في سوريا وروجآفا مغايراً تماماً لما عليه اليوم.
خطى الزعيم بارزاني خطوة تاريخية عظيمة لحماية كوباني من السقوط، أرسل بيشمركة كوردستان عبر تركيا إلى روجآفا، ليس هذا فحسب، بل أقنع أيضاً قوات التحالف الدولي بدعم روجآفا، بمعنى، أن وجود القوات الأمريكية والتحالف الدولي في روجآفا جاء بناءً على طلب الرئيس بارزاني وجهوده الحثيثة. فرعى البارزاني نضال كوباني وقال أمام العالم أجمع “أحيي مقاتلي كوباني”.
كان بارزاني على أتمّ الاستعداد دوماً لحماية روجآفا والدفاع عنها، عام 2015، قال للبيشمركة: “يجب عليكم حماية إخواننا في روجآفا كما تحمون وتدافعون عن شعب إقليم كوردستان، فهذا واجب مقدس”.
لم يقم الرئيس بحماية السياسيين فحسب، بل خلق أيضًا فرصاً لحياة أفضل للشعب الكوردي. في آب/ أكتوبر 2012، فُتح معبر سيمالكا الحدودي واستقبل مئات الآلاف من أهالي روجآفا، وقال: “هذا بيتكم، أنتم لستم ضيوفاً، بل أنتم أصحاب البيت”.
كما أدان بارزاني العملية العسكرية ضدّ عفرين وسري كانيه ورآها احتلالاً وأبدى موقفاً واضحاً، ودعا المسؤولين الأمريكيين بشكل مباشر إلى عدم مغادرة روجآفا والتخلّي عنه.
هذا التاريخ الوجيز كافٍ لإظهار مدى دعم الزعيم بارزاني لروجآفا كوردستان، ولكن ولسوء الحظّ، قام حزب العمال الكوردستاني وكياناته في روجآفا بتحريف مواقف البارزاني الوطنية وتشويهها، وعندما واجهوا الصعوبات وعانوا الويلات كرّروا دعواتهم للبارزاني، لكنهم لم يسمحوا لرؤى بارزاني هذه أن تتجسد في روجآفا، ومن خلال سياسات الكانتونات، وحقوق المرأة والإدارة الذاتية، وباراديغما القائد والشعارات المماثلة ساروا بروجآفا كوردستان في منعطف خطير نحو الويلات والهلاك، وجعلوه ورقة ضغط وغامروا بها، لكن نتائج الأحداث التأريخية اليوم أثبتت وأكّدت مدى صحة مواقف الرئيس بارزاني ورؤاه، بحيث يمكننا القول إن رؤى البارزاني ونهجه انتصرا في سوريا وعموم روجآفا.
في نضاله الدؤوب، ساهم الرئيس بارزاني بشكل كبير في الإطاحة بنظامين محتلّين لكوردستان؛ صدام حسين وبشار الأسد. حيث لعب بارزاني نفسه دوراً رئيسياً وبارزاً في الإطاحة بكلا المحتلّين، ولو تمّ تبنّي وانتهاج خط البارزاني في روجآفا منذ عام 2011 لكان النصر مضموناً اليوم.
فعلى الوطنيين الشرفاء المناضلين لنيل الكورد حقوقهم في روجآفا كوردستان، يجب عليهم رؤية دعم ومساندة ومؤازرة الزعيم بارزاني لروجآفا طيلة 13 عاماً الماضية، وأنه سيواصل دعم روجآفا بتجربته العظيمة ورؤاه الصائبة ونهجه العريق وسياسته الحكيمة…