جميل بايك ينثر رسائل لـ إيران والعراق وتركيا… ويسكت عن وحدة الكورد!

جميل بايك ينثر رسائل لـ إيران والعراق وتركيا... ويسكت عن وحدة الكورد!

تضمّنت المقابلة الأخيرة التي أجراها جميل بايك، الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكوردستاني (KCK)، على فضائية ستيرك-TV، التابعة لحزب العمال الكوردستاني بكك، العديد من الدلالات والمؤشّرات حول السياسة المستقبلية لحزب العمال الكوردستاني بكك.

فحول لقاءات أوجلان ووفد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî) أكّد بايك على أنه لم تصلهم أي معلومات لا من أوجلان ولا من الدولة حتى الآن، وبطبيعة الحال، وكما نعلم أن الرئيسة المشتركة لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب، تولاي حاتم أوغولاري، زارت السليمانية في 2024/12/24، وحملت رسالة معها من أوجلان إلى منظومة (KCK)، كما أعرب جميل بايك عن امتعاضه واستيائه وعدم رضاه عن اللقاءات الجارية بين أوجلان والدولة التركية، منوّهاً إلى أن زعيمهم المسجون لا يمكن أن يؤدّي دوره في رسالة مبطنة غير مباشرة إلى زعيم التنظيم (أوجلان-آبو) ألّا يتعدى الحدود والخطوط الحمراء.

ومن المعروف أن الرئيس المشارك لمنظومة (KCK)، جميل بايك، من الموالين لإيران والداعمين المتحالفين معها، وبعد عام 2013، ارتمى حزب العمال الكوردستاني بقيادة جميل بايك في حضن إيران والجبهة الشيعية، والهزائم التي منيت بها إيران مؤخّراً والضربات التي تلقّتها، تعتبر أيضاً هزائم وانتكاسات استراتيجية لجميل بايك وقيادته للحزب، حيث كان جميل بايك في صراع مميت ومنافسة شديدة في مواجهة أوجلان ومراد قره يلان في الآونة الأخيرة، وأحكم قبضته الحديدية على التنظيم بحيث بات التنظيم تحت سيطرته إلى حدّ كبير. والآن يريد بايك ويحاول مواصلة هذه السيطرة والتحكّم، من خلال وضع نهج جديد واستراتيجية حديثة للتنظيم، وهذا ما يفسّر ظهوره المستمر والكثير على شاشات التلفاز التابعة للتنظيم وإرساله رسائل مختلفة لشتى القوى الإقليمية، أو بالأحرى أن نقول، إنّ جميل بايك يبحث عن أسياد جدد لحماية الحزب، أو لنقل ذلك بشكل أكثر صرامة، جميل بايك في رحلة سماسرة جديدة الآن لمن سيبيع حزب العمال الكوردستاني هذه المرة!

قد يعتبر البعض أقوالنا هذه تطرّفاً وتشدّداً بالغاً ويقول: “إن حزب العمال الكوردستاني بكك يريد أن يجد لنفسه طريقاً جديداً وموقعاً له في توازنات الشرق الأوسط، وقد انتهج سياسة الطريق الثالث-البديل، ومن خلال هذه التصريحات ربّما يحاولون إنقاذ الحزب وحمايته” لكنّ هذا ليس صحيحاً. فالحقيقة هي أن حزب العمال الكوردستاني وقواته العسكرية في الشرق الأوسط تُعدّ قوة شبه عسكرية. فهي لا تعمل ولا تناضل ولا تحارب من أجل مطالب الكورد، بل تتحرّك وتتحالف مع القوى الإقليمية وفق مصالحها الخاصة. ونستطيع أن نثبت ذلك من خلال عدة تصريحات في لقاء جميل بايك الأخير.

بالنسبة لتركيا، صرّح جميل بايك بما يلي: ” إذا لم تحل تركيا هذه القضية، فهناك بدائل قوية جداً لحزب العمال الكوردستاني وكما يقولون، فإنَّ أيادي حزب العمال الكوردستاني ليست مقيدة، الجميع يعول على حزب العمال الكوردستاني، دع تركيا تعرف ذلك، يجب على دولة الاحتلال التركي الفاشية أن تتصرف بمسؤولية، القائد آبو يأخذ في الاعتبار جميع الشعوب، وليس الكورد فقط، أي أنه يريد أداء واجبه تجاه الإنسانية، يحاول أن يفعل ذلك مع تركيا.

وإذا لم تتّخذ تركيا خطوات في هذا الاتجاه، فهناك العديد من البدائل، كما أن الجميع يقتربون من حزب العمال الكوردستاني وتزايدت بدائل حزب العمال الكوردستاني، يمكن لحزب العمال الكوردستاني استخدام هذه البدائل، وحينها سوف تخسر تركيا كثيراً ولا نريد أن تدخل تركيا في هذا الوضع، يريد القائد آبو حلّ هذه القضية مع وسط تركيا، العديد من المراكز ترغب في تطوير العلاقات، إنهم يحاولون كسب الكورد وحزب العمال الكوردستاني إلى طرفهم.

إنهم يلعبون السياسة في الشرق الأوسط، أنا أدعوا إلى الحذر هنا، لا تقعوا في فخهم، إذا قال بهجلي هذا، فإنَّه يرى بعض الحقائق، ولهذا السبب يصرح بذلك، ما يقوله بهجلي يشبه فترة نهاية عهد الإمبراطورية العثمانية، أثناء قيام تركيا، رأى مصطفى كمال الخطر على تركيا وأدرك أنه لا يستطيع الخروج منها دون التحالف مع الكورد، لقد تحالف مع الكورد من أجل هذا، انطلق من كوردستان وأخرج نفسه من الخطر بالتحالفات…”.

فهنا نتساءل: لماذا لا يريد جميل بايك وحزب العمال الكوردستاني تقسيم تركيا؟ لماذا لا يريد أن تدخل تركيا قي مثل هذا الوضع؟ ألا يكون المستفيد الأول من هذا الوضع الذي يتحدّث عنه بايك هم الكورد؟

أمّا بالنسبة للدولة العراقية، يقول جميل بايك: “إذا تطورت حرب أخرى في العراق مثل تلك التي دارت في سوريا، فلن يتمكن العراق من التعامل معها وهذا من شأنه أن يعزز الانقسام في العراق… تلقوا (يقصد بهم إيران) بعض الضربات، الجميع رأى هذا وأعتقد أن إيران رأت ذلك أيضاً ومهما كانت الضربات التي تقلتها إيران، فهي قادرة على حماية نفسها أذا أرادت ذلك، إنَّ دور العراق أصبح أكثر أهمية بالنسبة لإيران من ذي قبل، لذلك تلقت حماس وحزب الله الضربات الموجعة وإنهار نظام البعث في سوريا، أصبح الوضع في العراق أكثر أهمية بالنسبة لإيران، إيران لن تسحب يدها من العراق بكل سهولة ويمكن للمرء أن يدرك هذا…”

فهنا لا يريد جميل بايك تقسيم العراق أيضاً، وتصريحاته هذه نابعة من منطلق أنه يرى اندلاع حرب بين تركيا وإيران حول العراق، ورسالته للقوتين (إيران-تركيا): أنظرا نحن هنا في العراق، ولدينا قوتنا المسلّحة وبوسعكم واستطاعتكم استخدامنا وكالة-كمرتزقة-، ففي أساسه وقّع جميل بايك على ورقة بيضاء لكلّ من العراق، إيران بل وحتى تركيا. بل حتى قال لهم “هناك الاتفاق الإبراهيمي في الشرق الأوسط” بمعنى أن هناك إسرائيل، وبعبارة أدقّ يقول جميل بايك إذا لم تستخدمونا لمصلحتكم فإن إسرائيل سوف تستخدمنا لمصلحتها.

يقول جميل بايك: “من يكسب الكورد إلى طرفه في هذه الحرب فهو من سينتصر في الشرق الأوسط” وتجاه هذه الحقيقة، لا يدعو جميل بايك الكورد إلى الاصطفاف والوحدة ولا يدعوهم إلى الوقوف جنباً إلى جنب مع حركته، بمعنى أنه مستعد لكلّ واحد فهو كمن وقّع وأمضى على ورقة بيضاء، باستثناء الكورد، لأنه في الأساس لم يكن وجود حزب العمال الكوردستاني من أجل حلّ القضية الكوردية، بل على العكس تماماً، تأسّس على أساس عدم حلّ القضية الكوردية. لهذا، لا يدعو ولا يطالب حزب العمال الكوردستاني بل ولا يريد حلاً في أي جزء من كوردستان. فمخاوف جميل بايك وحزبه تكمن في توصّل الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان إلى اتفاقية وعمل وتنسيق مشترك، تتجسّد مخاوف بايك وحزبه في توصّل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتّحاد الوطني الكوردستاني إلى اتفاق حول تشكيل حكومة كوردستانية قوية، لإنه إذا تمّ حلّ هذه المشاكل وتمّ تنظيف هذه الفوضى فلن يتمكن حزب العمال الكوردستاني بعد الآن من المتاجرة بتنظيمه وقواته مع الدولة العراقية، ولن يكون هناك سبب في أن يتواجد بكك بزيّ الحشد الشعبي في شنگال، وكذلك لا يريد ولا يرغب حزب العمال الكوردستاني بكك حلاً للقضية الكوردية في إيران، فرغم إصدار الدولة الإيرانية حكم الإعدام بحقّ بخشان عزيزي وتريفا مرادي، من أعضاء حزب الحياة الحرة الكوردستاني، مع ذلك، فإن الأشخاص الذين يديرون حزب الحياة الحرة الكوردستاني، ومصطفى قره سو وجميل بايك اللذان يعيشان في كنف الدولة الإيرانية يعيشان وحضنها التزموا الصمت، كما لا يريد حزب العمال الكوردستاني الوحدة الوطنية للكورد في روجآفا كوردستان، ما يريده فقط هو فتح باب الارتزاق وحروب الوكالة أمامه على أوسع أبوابها، فهو قوة شبه عسكرية. ولا يمكن للقوات شبه العسكرية أن تكون عنوان الحلّ للوحدة الوطنية، كما لا يمكن للقوة شبه العسكرية هذه بناء الوحدة الوطنية الكوردية.

نكرّر مرّة أخرى، يجب على الكورد أن يدركوا هذه الحقيقة وهذه الخصوصية لحزب العمال الكوردستاني، عليهم فتح الأبواب التي أغلقها حزب العمال الكوردستاني وسلك الطرق التي قطعها هذه التنظيمات، يجب على كلّ جزء من كوردستان أن يجد الحلّ الأمثل والأنسب له وفقًا لخصائصه وتطلّعاته الخاصة وبناء الوحدة الوطنية الكوردية، آنذاك بإمكانهم تحرير أنفسهم من أيدي حزب العمال الكوردستاني الذي استخدمهم لعقود كأدوات ووسائل، ما طرحه جميل بايك خلال مقابلته هو مصادرة لإرادة الكورد ومصيرهم ولا ينبغي لنا أبناء أي أمل للكورد على خطابه وأقواله.

مقالات ذات صلة