جوهر الدين هو الأخلاق
انطلقت صباح اليوم الأربعاء في عاصمة إقليم كوردستان-أربيل، وتحت شعار (نحو الوحدة في الإيمان) مراسم يوم الصلاة الوطني بحضور الزعيم والمرجع الكوردي، مسعود بارزاني وكبار المسؤولين وقادةِ العراق وإقليم كوردستان والعالم، وبرلمانيي العالم وممثلي الحكومات في الولايات المتّحدة وأوروبا والشرق الأوسط.
وقال الرئيس بارزاني في كلمةٍ له:
بسم الله الرحمن الرحيم
أرحّب ترحيباً حاراً بجميعكم، أيها الضيوف الكرام، فأهلاً بكم في كوردستان، موطن التعايش القومي والديني.
قبل أن أبدأ خطابي، أودّ أن أعبّر مرة أخرى عن تضامننا مع جميع محبّي السلام والإنسانية في العالم، على إثر فقدان رجل عظيم محبّ للسلام والإنسانية، وهو قداسة البابا.
هذا أول لقاء من نوعه يُعقد في كوردستان، وهو يوم الصلاة الوطني والهدف منه هو تعريف العالم بهذه الثقافة الغنية التي تمتلكها كوردستان، وهي ثقافة تمتدّ جذورها عبر العصور في أرض كوردستان. إنها ثقافة التعايش المشترك، وقبول الآخر، وحرية الفكر والمعتقد والدين والمذهب، تلك الثقافة التي نعتز ونفتخر بها، ونؤكّد أننا سنواصل السير على هذا الطريق.
أتمنّى أن يساهم هذا اللقاء في تعميق وتوسيع هذه الأخوة والتعايش في كوردستان.
إن التقوى هي نقطة مشتركة لتقريب الديانات المختلفة من بعضها البعض. الحقيقة لا تنفصل، وهناك طرق عديدة للوصول إلى الحقيقة، وكلّ الأديان المقدّسة التي تقبل حقيقة وحدانية الله تسعى إلى تلك الحقيقة ويجب احترام الجميع. جوهر الدين هو الأخلاق.
منذ بداية سلالة البارزاني بقيادة الشيخ عبد السلام البارزاني والشيخ أحمد البارزاني، كان احترام الأديان المختلفة والقبول المتبادل جزءًا أساسيًا من معتقداتنا.
وهذا مستند على كلام الله عزّ وجل في القرآن الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) وهذه الآية من القرآن الكريم ترشدنا إلى كيفية الاستمرار على هذا الاعتقاد بالتعايش والسلام المتبادل.
على مرّ التاريخ، عندما تعرّضت كوردستان للهجوم، لم يفرق الظالمون بين المسلمين والمسيحيين والإيزيديين. لقد أحرقوا كلّ القرى، وهجّروا الجميع، وذبحوا ودفنوا الجميع، وأخيراً الحرب ضدّ داعش التي لم تفرق بين مسلم ومسيحي وشيعي؛ لقد ارتكبوا جرائم خطيرة للغاية.
في المقابل دافعت قوات البيشمركة البطلة عن الجميع بتضحيات غير مسبوقة وهزمت معقل داعش ولكن بثمن باهظ جداً جداً بلغ نحو 12 ألف شهيد وجريح.
فلتكن هذه المناسبة، نقطة بداية لعقد مثل هذه اللقاءات في المستقبل، حتى نعلم جميعًا أننا جميعًا خدام لله، وأننا جميعًا إخوة وأخوات في الإنسانية.
مع القبول المتبادل، ومع الحب والسعادة، يمكننا جميعًا أن نعيش معًا، ولكن مع الإكراه، لا يمكن للظالم ولا للمظلوم أن يرتاحوا. جميع الأنبياء قدّموا لنا النصح بمدّ يد الأخوة لبعضنا البعض والعيش معًا.
وأخيراً أسأل الله أن يهدي الجميع والسلام في المنطقة والعالم والأخوة وأتمنّى لكم قضاء أوقات طيبة في كوردستان، ونحن فخورون بكم ونرحّب بكم جميعاً مرة أخرى. ونودّ أن نشكر جميع الذين قاموا بتنظيم هذا البرنامج والاجتماع.