“عام 2000، منطقة حفتنين، من ذكريات مقاتل گريلا في تلك الفترة”
بعد أقل من عام على انسحاب مقاتلي الگريلا لحزب العمال الكوردستاني بكك من باكور كوردستان-كوردستان تركيا إلى معسكرات جنوب كوردستان-إقليم كوردستان-، شنّت الدولة التركية عملية عسكرية واسعة النطاق ضدّ مقاتلي العمال الكوردستاني في وادي بسآغا وجبل خانتور.
قبل أن نتحدث عن العملية العسكرية والمساعدة والدعم التي قدّمتها قوات بيشمركة كوردستان للگريلا، سنتحدث عن المعسكرات-المخيّمات التي تمركز وأقام فيها الگريلا على أراضي إقليم كوردستان، كانت هذه المعسكرات تقع في قرى أُخليت خلال حرب صدام، فكان حزب العمال الكوردستاني يتمركز هناك.
في عام 1983، ووفقًا لاتفاق-بروتوكول بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب العمال الكوردستاني، استقر وانتشر حزب العمال الكوردستاني في هذه المناطق، وبشكل تدريجي، لم يسمح الحزب لبيشمركة كوردستان ولا لأهالي تلك القرى بدخول مناطق تواجده وتمركزه بموجب الاتفاق المبرم بينه والديمقراطي الكوردستاني، نعم، احتلّ الحزب تلك المناطق والقرى واستولى على أراضي الناس ومنازلهم وحقولهم ومزارعهم وبساتينهم… وبدأ باعتقال الناس واختطافهم وفرض الضرائب عليهم ولم يكن يسمح لسكان هذه القرى الفقراء بالعمل في أراضيهم من أجل لقمة العيش…
العملية التركية في وادي بسآغا
في ربيع عام 2000، شنّ الأتراك عملية عسكرية في منطقة حفتنين، وتحديدًا في وادي بسآغا وجبل خانتور. كان نهر وادي بسآغا هو الحدود الفاصلة بين الجيش التركي والبيشمركة. وتمركز البيشمركة هناك لمنع التوغّل والتقدّم التركي أكثر؛ لأن الأتراك كانوا قد خطّطوا لقيام جيشهم وجحوشهم-قواتهم المرتزقة من الكونترا باجتياز نهر وادي بسآغا باتّجاه جبل خانتور، فاستمرت العملية العسكرية يومين بإسناد جوي من مروحيات كوبرا.
في اليوم الثاني، اشتدّت العملية، وتراجع الگريلا وانسحبوا من تلال وقمم (سيسَر، ألاناش وبارتيزان) باتجاه جبل خانتور، وطاردهم الجيش التركي وعصاباته ومرتزقته حتّى حافة النهر لكنّهم لم يعبروه، انسحب الگريلا من وديان (مارسس وشَشدار) صوب خانتور الذي كان يخضع لسيطرة بيشمركة كوردستان بشكل كامل، ولم يكن يُسمح للجيش التركي باجتياز النهر وعبوره والتوجّه صوب مناطقهم بأي شكل من الأشكال، اقترب الگريلا من قوات البيشمركة، وعندما رأى البيشمركة أن الگريلا في مازق ووضع صعب للغاية وأن المروحيات الحربية سلبتهم أية فرصة القتال، اتّصلوا بقادتهم وقالوا لهم: “مقاتلو الگريلا لحزب العمال الكوردستاني قريبون منّا. ماذا نفعل؟”
أصدر مسؤول البيشمركة أمراً وقال: “إن لم يقاتلوكم ولم يطلقوا النار عليكم، بمعنى أنهم في خطر ووضع صعب، فلا يجوز أن يُقتلوا بأيدينا”.
في تلك اللحظة، اتّصل (عادل بلكي) بقائد البيشمركة عبر جهاز اللاسلكي وقال: “نحن إخوة، لا يجوز أن تجعلونا في مأزق وتحاصرونا!”.
لهذا، لم يُطلق أي عنصر من قوات بيشمركة كوردستان ولو رصاصة واحدة علينا، ولو أرادوا القتال لكان بإمكانهم قتل العشرات من عناصر الگريلا لأنّنا كنا في قبضتهم وفي مرمى استهدافهم، لكن ساعدتنا قوات البيشمركة وقدّموا الدعم لنا ولم يقاتلونا.
علم الجيش التركي بهذا الأمر، لذلك، اتّصلوا بقيادتهم عبر اللاسلكي وأخبروها بأن البيشمركة ساعدوا الگريلا، فقال القائد التركي لجنوده: “لا فرق بين الكلب الأسود والأبيض… هم لن يتقاتلوا ولن يقتلوا بعضهم البعض!”.
في ذلك اليوم، استشهد تسعة من أعضاء حزب العمال الكوردستاني، وهم: يكبون گويي، ريزان كورتالان، ريناس آمد، لوري بشيري، وهوكر كوتول، وأربعة گريلا آخرين لا اتذكّر أسماءهم، عموماً قدّمنا 9 شهداء و18 جريحاً، وعندما حلّ علينا الليل رجعت قوات البيشمركة، بينما استمرت العملية التركية لليوم الثالث على التوالي.
أحد كوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني يعالج-يداوي قيادياً من حزب العمال الكوردستاني في منزله…
استطاع قيادي في العمال الكوردستاني ويدعى (چ.هـ) بجروحه البليغة الوصول لقرية بانيكي وبيربلا، وبقي في منزل أحد كوادر البارتي-الديمقراطي الكوردستاني، فأخفى كادر الحزب الديمقراطي هذا القيادي الجريح لحزب العمال الكوردستاني في منزله، وحماه، كانت عائلة ذات أعراف وتقاليد كوردايتية رصينة، فأمّنه في بيته وبدأ بعلاجه ومداواة جروحه البليغة، وبعد انتهاء العملية العسكرية جعله يمتطي حصاناً وأوصله إلى رفاقه وسلّمه لهم.
بعد انتهاء العملية، جمع مقاتلوا الگريلا شهداءهم وجرحاهم، ودفنوا الشهداء في سهل مارسس، وبعد انتهاء العملية والمعارك والاشتباكات بشكل نهائي، عقد أعضاء حزب العمال الكوردستاني بكك اجتماعًا بقيادة عادل بلكي، وتلقوا تعليمات من الحزب بالانتقام وأخذ الثأر.
مرت أربعة أو خمسة أيام، وكان الگريلا ينتظرون فرصة للثأر من القوات التركية أو أي قرقولات-الثكنات العسكرية التركية.
لكن، بعد أيام قليلة، جاءنا ردّ من قيادة الحزب بأنّه تمّ أخذ الثأر والانتقام.
والثأر هو أنه توجّهت فرقة-مجموعة من الگريلا نحو حفتنين وتوجّهوا صوب تلة بين باتيفا-باطوفة ودركار يتمركز عليها قوات بيشمركة كوردستان واستشهد عدد من البيشمركة على أيديهم!
هذا الخبر المحزن أصبح سببًا لعدم الارتياح والتوتّر بين مقاتلي الگريلا، لأنهم شاهدوا بأعينهم كم ساعدتهم قوات البيشمركة وأن البيشمركة أنقذوهم من الموت المحتوم على يد الأتراك، وكان الگريلا بأنفسهم شاهدين على هذه الحادثة، وأن هذه كانت خيانة، بل جريمة اقتتال أخوية ارتكبها حزب العمال الكوردستاني بكك.
فبدلًا من أن يصدر حزب العمال الكوردستاني أوامر بالانتقام وأخذ الثأر من العساكر الأتراك الذين قتلوا 9 گريلا وأصابوا 18 آخرين في عملية بسآغا، ارتكبوا أبشع خيانة بحقّ بيشمركة كوردستان الذين أنقذوا الگريلا وحموهم وآووهم وعالجوا جرحاهم!!
الأمر الأكثر إيلامًا هو أن عضو حزب العمال الكوردستاني (چ.هـ) الذي أصيب وتلقى العلاج والحماية في منزل أحد كوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني، أصبح قائدًا لمجاميع الگريلا في ضرب ومهاجمة قوات البيشمركة في منطقة حفتنين وجبل شكيره وصولاً إلى نهر خابور، فكان يقتفي آثار البيشمركة وينصب الكمائن لهم…
إضافة إلى مهاجمة البيشمركة واستشهادهم، كان حزب العمال الكوردستاني بكك قد خطّط آنذاك لتنفيذ تفجيرات في زاخو. تمّ إعداد مقاتلين من الگريلا يُدعيان (روجهات وسيبان) لهذا الغرض بأوامر وتعليمات من قيادي حزب العمال الكوردستاني عادل بلكي، أحد هذين الگريلا كان من گڤر والآخر من آمد وكلاهما خبيران مختصّان في إعداد وزرع المتفجرات.
توجّه هذان الگريلا برفقة أحد الأشخاص-دليل- من السكان المحليين لـ زاخو لتنفيذ وارتكاب تفجيرات هائلة؛ لكن قوات البيشمركة والقوات الأمنية كانت لهم بالمرصاد وعلمت بالأمر سريعاً وقامت بتحييدهما خارج حدود المدينة، ولو وصلا لهدفهما لارتكبا تفجيرات هائلة ومدمّرة ودموية تهزّ مدينة زاخو وتغرقها بالدماء…
کوردۆ باکووری